أختناق سياسي و حالة من الترقب الحظر تحكم المشهد السياسي الاردني ، فالاحتمالات السياسية القادمة لما بعد تصاعد حدة الاختناق الشعبي وممارسة تبجح أطراف التصعيد لحد أن خيارات الصراع بن دوائر القوى و المراكز السياسية في نسقها العام أختلت و أصابها نوع من الذهول و الاستغراب النفسي و السياسي فحتميات المشهد الطبيعي وقوى التغيير به بدأت تتحرك باتجاه معاكس لادوراها السياسية و الوظيفية التاريخية ، ولعل خلخلة هذه العلاقات وفقدان التجاذب الطبيعي بين المراكز و النفواذت ولد حالة من الهستيريا السياسية و الشعبية لدى النخب السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية التي تحرك مفاصل الصراع و ادواته و لدى الرأى العام الجأمش تحت توغل سلطة السوق العدو الاكبر له ، وامام تحدي مصدقية من يواجه الواقع الحالي لاجل مستقبله ، الرأى العام في الاردن مقتنع أن أطراف الصراع الفاصل جميعهم جربوا و أستعملوا في فترات سابقة و أنهم وفق للتجربة محاط فشل و لا يستطعوا أن يديروا الازمات و ليس لديهم تصور فكري ووطني للاردن القادم .
الغريب في الحالة الاردنية أنها بجميع المفاصل التاريخية لتحولها تعاني من أزمة بخطابها السياسي و أفق أنجذابه لمشروع سياسي وطني باستثناء مرحلة 89 التي عبر بها الاردن الى حقبة تاريخية جديدة بادوات أهلت نخب سياسية واقتصادية و اجتماعية أدارت مرحلة جديدة وفق لمعايير جديدة أنضجت التحول و دافعت عنه و سارت به نحو مسارات أرست ذلك تشريعيا و مؤسسيا ضمن نسق الدولة عامة .
مليشيا الاقتتال المعتفن الذي يقودها أصحاب الاقلام الاقليمية ، يثني قوى الاصلاح الاجتماعي والوطني عن مسارها الطبيعي في التعبير عن مواقفها الوطنية التاريخية و أبطال الفاعلية و أستمرار التعطيل الذي يقوده المستفيدون مرحليا من حالة الاقتتال الاعلامي ، و يبقى المستفيد الحقيقي أمام حالة الخلط و الابتذال التي يسوفها عدد من عدمي الحنان الوطني و ممن أنتهي الوطن بقلوبهم أمام أبواب البنوك و الذين يغيرون قواعدهم باللعب وفق لثابتهم الاقليمي .
صفعة تجدد الالم و الحسرة للاردنيين الذين أضاعوا بهذه الوصفة الغريية لصراع السياسي بين مراكز قوائها الفرصة الفعلية لانجاح مرور وطني لمرحلة جديدة و أبطلوا على الاردنيين فرصة أخرى بالاستقرار الاجتماعي و النفسي أمام تضخم الكبت السياسي الذي علقت به أنفس الاردننين بمحنتهم الاقتصادية والاجتماعية والقلق السياسي الجغرافي من تصريحات ماكين و أعوانه من عسكر أسرائيل حول مستقبل الاردن ومصير القضية الفلسطينية .
جوهر التحول وفارق التاريخي انه يهدد النسق الاردني التاريخي و يعرضه للتآكل الذي من الممكن أن يعرضه لعملية تفكيك تصيب أواصر الثقة به وتحوله لمسارات جديدة تعيق الالفة و الانسجام الوطني ، فاحلال سلطات وقيادات سياسة على حساب أخرى ينهي بالتدريج الاكتمال التاريخي للادوار الاجتماعية والسياسية لمؤسسات العشيرة الوطنية و التي أوكلها المشروع الوطني الاردني دورا سياسيا بامتياز والبرجوازية التجارية الاجتماعية التي تبث بها بذور التغير و الانقلاب بسبب التحولات الاقتصادية الكبرى التي يمررها مروجو الانفتاح الاقتصادي و أنفلات القيم السياسية التاريخية و العرفية للدولة الاردنية عن نهجها التاريخي و أنقلابها نحو مرجعيات جديدة مغايرة