الأردن يقتلع الأشواك بأيدٍ عارية
فايز الفايز
07-08-2016 01:34 AM
لسوء الحظ ان القائم بأعمال السفارة الأمريكية بدمشق المبعوث «مايكل راتني» لا يستطيع الوصول للجنوب السوري، ولا السفيرة «اليس ويلز» أيضا تستطيع التجول عبر الحدود الأردنية السورية من جهة البؤر الساخنة جدا التي بقي الجيش الأردني حارسا للوطن فيها منذ سنوات طويلة بلا شكوى،وخادما مخلصا لرسالته الإنسانية أولا، ولواجبه تجاه الأشقاء المدنيين السوريين الفارين من ويلات الحرب اللعينة في الأراضي السورية، وإلا لخشينا أن منظمات حقوق الإنسان الدولية ستجلس هي الأخرى فوق الحمل الثقيل الذي يهدد ظهر الأردن بعد أن ناء بأحماله دون مساعدة حقيقية من أحد.
منظمة «هيومن رايتس ووتش» هي منظمة حقوقية مهمة، ولها دور فاعل في وخز الدول من أبواب الإنتهاكات التي تجري فيها ضد مختلف قضايا حقوق الإنسان، ويتفق معها كثير من الناس ويختلف معها الأكثر وخصوصا الحكومات، ولكن للأسف فإن أغلب التقارير التي تصدرها قد تكون مبنية على ما يأتيها من تقارير خاصة عما يحدث في البلدان المستهدفة ولا تذهب لأرض الصراع، وهي صوت آخر كما هي منظمة العفو الدولية «أمنستي» و كذلك تقرير الخارجية الأمريكية السنوي حول حقوق الإنسان، وكل ما يصدر من إنتقادات أو دعوات تصحيحية لتلك المنظمات لا يترافق مع وصفات علاج للقضايا مشفوعة بدعم أو آلية مساعدات تدعم التغيير في الدول المعنية.
دعوة «رايتس ووتش» الجمعة للرئاسة الأمريكة لمساعدة الأردن لنقل سبعين الفا ممن أسمتهم بـ»اللاجئين السوريين» الموجودين في مخيم «الرقبان» على الأراضي السورية المحاذي للحدود الأردنية، فتلك قسمة ضيزى، وضرب في نخاع الروح المعنوية للدولة الأردنية بما فيها الشعب الأردني الذي باتت أحوال غالبية مواطنيه لا تختلف عن أحوال الأشقاء السوريين المهجّرين نتيجة الصراع الحربي، فهنا صراع إقتصادي لم يعد يترك مجالا في سوق العمل للآلاف من الشباب الأردني الذين تضخهم البيوت الفقيرة والمدارس والجامعات،على الرغم من وجود دول عربية أكثر قدرة من الأردن على استيعاب ذلك العدد من اللاجئين، دون أي تهديد للديموغرافيا السكانية أو القدرة التنافسية في الأعمال كما عندنا.
نحن نتعاطف جدا مع أولئك المساكين، ولكن ما هو الحل المعقول والمقبول لمشكلة النزوح السوري، فأولئك الهاربين من ويلات الحرب هم نازحون حتى آخر نقطة من الأرض السورية، وحتى اليوم هم ليسوا بلاجئين و هم مسؤولية الأطراف المتصارعة في سوريا حتى اليوم وعلى رأسهم الحكومة السورية المنشغلة بالقتال ضد خصومها وحصار المدن، ولكن تستطيع دولة بحجم الولايات المتحدة على إثبات حُسن النوايا بالتعاون مع قوات حلف الناتو الذي يعد عصب التحالف الدولي المقاتل ضد تنظيم داعش، وكذلك الدول العربية الأخرى التي تمتلك القدرات المالية الضخمة، لإقامة جسر جوي لنقل كافة سكان المخيم من النساء والأطفال والشيوخ والمرضى الى منطقة أبعد من الأردن، وليس شرطا توطينهم وغيرهم في الولايات المتحدة كما يقترح « بل فليريك» المسؤول في المنظمة.
إن الأردن الذي واجه الأزمة السورية قبل أن تتحول الى صراع دولي بالإنابة، لم يعد قادرا على البقاء في العرّاء ليقتلع كل تلك الأشواك بيديه العاريتين، فالأردن في النهاية ليس أرضا للإيجار ولا منطقة حرّة لإعادة تصدير البشر، تلك مهمة صعبة للغاية لا يحس بها سوى المواطن الأردني الذي بات يخشى من المستقبل أكثر من أي وقت مضى، وحكومته معنية مباشرة برفع مستويات المعيشة والتعليم والصحة، ولن تستطيع القيام بذلك ما دام الحال كما هو عليه اليوم من إغلاق طرق الصادرات والإستيراد والركود التجاري والإقتصادي، وبالتالي فإن على حكومة الولايات المتحدة والحلفاء أن يقرروا إنهاء الصراع لا معالجة نتائجه فقط، فالأردن لم يعد يثق بحسن النوايا المبيتّة دون حلّ سريع ونهائي.
إن انتقادات المنظمات العالمية والأذرع الحقوقية للدول الغربية لبلد كالأردن يستضيف مليوني سوري، وليس كما ذكر التقرير، هو انتقاد مقبول عندما تكون أنهار اللبن والعسل والنفط تسيل في الصحراء الأردنية وشوارع المدن، أما أن يترك الأصدقاء والشركاء كل تلك الصفحة البيضاء ويركزون على نقطة سوداء وسط الصفحة فتلك جناية يجب أن توجه تهمتها لمن أوقف أو قلص المساعدات المباشرة للاجئين في مخيمات الزعتري و الأزرق ومرباع السرحان، في الوقت الذي يعاني المواطن الأردني من ضيق العيش لانعدام الموارد.
الراي