رئيس المخابرات الاميركية يشكك بإمكانية بقاء سوريا دولة موحدة كما كانت قبل الاحداث، ولكنه يعترف في الوقت نفسه باهمية النظام في الحفاظ على مؤسسات الدولة.
ليس معروفاً بأي حق يسمح مسؤول في دولة أجنبية لنفسه بأن يقرر وحدة أو تشطير دولة مستقلة، أو أن يأمر بأن هذا الرئيس أو ذاك يجب أن يرحل وكأنه يمثل إرادة الشعوب.
إذا سقطت وحدة سوريا –لا سمح الله- فإن البديل هو التقسيم الطائفي والعنصري، أي إنهاء الهوية العربية السورية، وشطب الشعب السوري لحساب دول الطوائف والعروق، فهل هذا ما يريده العالم؟.
هناك فرق كبير بين الدولة والنظام، ولكن الظروف مختلفة، ففي معظم البلدان المستقرة يمكن أن يتغير النظام وتبقى الدولة. وفيما عدا مصر والمغرب فإن هناك تماهياً بين الدولة والنظام في معظم الدول العربية بحيث أن سقوط النظام يذهب بالدولة نفسها.
كثيرون ليسوا راضين عن النظام السوري، ويعتبرونه نظاماً مستبداً (أين هي الأنظمة العربية غير المستبدة؟). ولكنهم يدركون أن ذهاب النظام يعني سقوط الدولة السورية وإنهاء وحدة سوريا. وإذا لم يتوصلوا بأنفسهم إلى هذه الحقيقة، فإن رئيس المخابرات الأميركية يعترف بها.
لا يستطيع عاقل أن يطالب بإسقاط النظام ورحيل الأسد مع الحفاظ على وحدة سوريا لأن ذلك يطرح السؤال الجوهري عن البديل. فما هو النظام الجاهز للحلول محل النظام الحالي؟.
البديل على الورق هو معارضو فنادق اسطنبول وهم أدوات بيد الدول الإقليمية الضالعة في المستنقع السوري: تركيا والسعودية وقطر، ولا يصلحون لغير الأدلاء بآرائهم (القيمة) في المحطات الفضائية، ولا وجود لهم على الأرض السورية، أما من الناحية الميدانية فالبديل هو داعش والنصرة وعشرات العصابات الإرهابية التي تحمل أسماء رنانة وتريد إعادة التاريخ وعقارب الساعة إلى الوراء، وفرض أسلوب حكم يجافي روح العصر ويثير اشمئزاز الإنسانية، وبالتالي غير قابل للبقاء. وقد رأينا امثلة حية من قطع الرؤوس وسبي النساء ونسف الآثار التراثية، علماً بأن هذه المنظمات تكره بعضها أكثر مما تكره النظام.
من المحزن أن المنظمات الإرهابية العاملة في سوريا تجد بيننا كتـّاباً محترمين يصفونها بالمعارضة أو الثورة، ويصدقون أن الطائرات الروسية لا تضرب إلا المستشفيات، وأن الجيش السوري الذي يسمونه جيش الأسد (كما كانوا يسمون الجيش العراقي جيش صدام) لا يقتل سوى الاطفال!
مصلحة الأردن العليا تقتضي الحفاظ على الدولة السورية دولة قومية مدنية تعددية عصرية موحدة.
الراي