بعد الاعتداء على حواتمة : المطلوب ثورة بيضاء في الإعلام
موسى حوامدة
04-08-2016 12:46 PM
الاعتداء على رئيس مجلس إدارة التلفزيون الأردني مرفوض لأي سبب كان، والزميل جورج حواتمة مهني عريق وإنسان نبيل وجاد في عمله وإداراته، وهو يتمع بمحبة وصداقة الكثيرين في الوسط الصحفي والاجتماعي، وفي كل المواقع التي عمل فيها ترك أثراً طيباً، وقد بادرت نقابة الصحفيين للتضامن معه على خلفية هذه الاعتداء، ولكني أسأل: هل هو الاعتداء الوحيد في هذه المهنة؟
ألا يشكل تخلي النقابة عن حقوق الزملاء الذين انفصلوا من عملهم، ورضوخها للمؤسسات وإداراتها الفاشلة اعتداء صارخاً على هذه المهنة؟
ألا تشكل الانتهاكات التي تمارسها إدارات الصحف والمؤسسات الاعلامية والفساد الواضح اعتداء على المهنة؟
ألا تشكل هيمنة بعض رؤساء التحرير دون رقيب وحسيب اعتداء على المهنة؟ ألا يشكل التمسك بالموالين على حساب الكفاءات اعتداء على المهنة؟؟
ألا يشكل التمسك بكتاب يثرثرون يومياً ولا يقولون شيئاً محدداً اعتداء على ثقافة المجتمع والمهنة والقراء؟؟
ألا يشكل سكوت النقابة عن تردي مستوى الصحافة وكثرة الأخطاء ورداءة المنشور اعتداء على المهنة؟
إن الاعتداءات الصارخة التي تمارس يومياً تحتاج إلى وقفة جادة من كل المؤسسات المعنية والمسؤولة ولا تُستثنى من ذلك جهة واحدة في الدولة والمجتمع.
لو كان السياق العام لهذه المهنة هو النزاهة والشفافية والكفاءة، لما تجرأ عديمو الموهبة والجهلة لتبوأ أعلى المناصب، بعد أن غاب جيل المؤسسين الكبار أصحاب القيم والأخلاق، ولما وجدنا المهنة تعج بالفاشلين والمنافقين وعديمي الموهبة، لقد باتت المؤسسات الصحفية أشبه بالعصابات والمنتفعين لا المهنيين، والنقابة صامتة ساكتة لا تمارس دورها، فقد تم لي ذراعها بعد اختراقها هي أيضاً، ووصل الفساد لها، وباتت لا تدافع عن المهنة ولا عن الزملاء وحقوقهم ولا عن حرية التعبير، وميثاق الشرف الذي بات في الأدراج لا يذكره أحد.
لقد بلغ السيل الزبى، ووصلت الأمور إلى انحطاط لم تشهده الصحافة الأردنية في أسوأ الظروف.
إنها فرصة لنفض كل هذه المؤسسات الاعلامية والصحفية وتعيين النزيهين والشرفاء وإعطائهم الصلاحيات الكاملة لتصحيح الخراب الذي عم وطم، وصار مجرد نقل موظف الى وظيفة ثانية كارثة، لا لسبب إلا لأنه يرى أن الواسطة وليست الكفاءة هي المعيار والمنهج، وهو يرى الخراب الشامل في التفاصيل، فمن البديهي أن يعترض ويغضب ويعتدي، ولا أبرر ولا أبرئه مما فعل.
وأظن أن الصديق العزيز جورج يعرف هذه الدوافع والظروف، وقد ذهب للتلفزيون وهو يرى إلى أين وصل مستواه ودوره وبدأ بنيةٍ طيبة لإعادة تأسيس وتصليح ما خرب الدهر وما عاث به الكثيرون، ولن ينجح حواتمة ليس لأنه فاشل أو عديم النزاهة، بل لأن السياق العام بات رديئاً، ودون بداية ثورة بيضاء في الاعلام والصحافة سيمر الأمر مرورو الكرام، وسيعفو جورج إن لم يكن قد عفا، ويتم الصلح على الطريقة العشائرية دون إصلاح، ودون نهضة جديدة تطوي العفن وهذا التردي المشين والمخجل.