على عتبة الانتخابات : ما هو المطلوب .. ؟!
حسين الرواشدة
04-08-2016 03:25 AM
هل صحيح أن سلامة المسار السياسي في بلادنا تتوقف على “عتبة” الانتخابات القادمة ؟
ربما يكون ذلك ، لكن لا بد ان نعترف بانه حين يغيب الاصلاح السياسي ، تفقد السياسة حيويتها وحراكها ، ويتداول “الفاعلون” على هوامشها مزيجا من الشعارات والنقاشات البعيدة عن هموم الناس وواقعهم ، ومن المفارقات ان تهمة الفقر الذي تعاني منه حراكات المرشحين غالبا ما تختزل - خطأ - في اطار الجدب الشخصي لا جدب المناخات العامة ، وفي سياق ضعف المتزاحمين على الصناديق والمقاعد لا في سياق ضعف السياسة وتراجع ادائها وافرازاتها ودوران عجلاتها.. هذه التي من المفترض ان تقود قطار الانتخابات بسرعة وكفاءة الى الامام.
حين تكون السياسة بعافيتها ، تفرز نخبا وفاعلين سياسيين على قدر مساو من العافية ، اما حين تتراجع او تجمد فان احدا لا يستطيع ان يلوم رافعي الشعارات الانتخابية على فقر شعاراتهم وبرامجهم، ومن اسف ان صوت الاصلاح السياسي ربما يكون الغائب الابرز عن “مولد” الانتخابات ، وان خطاب الذين سيتوجهون لاقناع الناس بانتخابهم والتصويت لهم ربما لن يتجاوز حدود ما يثير عواطف الناخبين وانتماءاتهم الضعيفة وتفاصيل همومهم اليومية اما القضايا الكبرى فقد اصبح الانشغال بها في عداد لزوم ما لا يلزم.
هنا ، لا بدّ ان نتذكر بأن “قانون” الانتخابات الذي تم تمريره من مجلس النواب لن يساعدنا كما كنا نتمنى على تجاوز “مصائب “ قانون الصوت الواحد ، ومهما اختلفنا في التقديرات، فإن تركيبة مجلس النواب القادم لن تختلف كثيراً عن تركيبة مجلس النواب الحالي حتى مع وجود نواب من “الاخوان” ، كما ان اقبال الناس على الصناديق لن يكون افضل من اقبالهم في جولات الانتخابات السابقة، نتذكر –ايضاً- ان بلدنا منذ عامين على الاقل يعاني من “احتضار” السياسة وتراجع حيوية المجتمع وغياب صوت المعارضة، ونتذكر –ثالثاً- ان “ازمة” المعيشة وصعوبة الظروف الاقتصادية ستلقي بظلالها على اختيارات الناس وتوجهاتهم نحو “الصناديق” مما يعزز من فرصة “تمدد” المال السياسي وتصاعد “نبرة” المصالح الانتخابية على حساب القيم الاخلاقية والوطنية، نتذكر –رابعاً- أن احساس المجتمع بالخيبة من “عرقلة” قطار الاصلاح وتوقف عجلاته سيدفعهم الى “النكوص” عن المشاركة، واللاجدوى من تكرار التجربة ثم نتذكر –خامساً- ان “الاخوان” المسلمين بنسخهم الجديدة، سيتوزعون على خارطة الانتخابات ، لكنهم لن يكونوا “فاعلاً” اساسياً في المجلس القادم، وسيكون حضورهم على الهامش فقط.
على صعيد البيئة الخارجية، سيكون اجراء الانتخابات – إن تمت- على ايقاع هدير “الحرب” في الجوار، وسيجد الناخب الاردني نفسه مشدودا لما تفرضه من “انقسامات” في الشارع، ناهيك عما تفرضه من خيارات صعبة امام “الاردن” على ضوء احتشاد المعسكرات والتحالفات، وهذا لن ينعكس –فقط -على خريطة المجلس القادم , وانما على فرضية ( تصميم )حكومة ومجلس نيابي يتناسبان مع التحولات والاستحقاقات القادمة.
هنا يمكن ان نتوقع ان مجرد الذهاب الى انتخابات برلمانية , يعني ان المطبخ السياسي يريد ان يبعث برسائل تطمين للداخل والخارج بان الاستمرار في مشوار الاصلاح يعبر عن حالة الاستقرار والثقة بالنفس التي تتمتع بها الدولة الاردنية , كما انه يؤكد فرضية “ الاستثناء “ التي حافظ عليها الاردن في محيط ملتهب تغيرت خرائطه , زد على ذلك انه يعيد الى المجتمع ما افتقده من حيوية بعد عامين من “ الكمون “ اعقبا ثلاث سنوات من الاحتجاجات والمطالبات بالاصلاح.
اذا ، قبل العشرين من الشهر القادم ، وهو موعد إجراء الانتخابات، لا يمكن لأحد ان يحدد بدقة الى اين يمكن ان تتجه “بوصلتنا” السياسية، فثمة “اربعة” عوامل موضوعية لا بد ان تتوافر لنجاح العملية الانتخابية، أولها نظافة ونزاهة الانتخابات، وثانيها ضمان نسبة معقولة من المشاركة بالتصويت، وثالثها افراز “نوعية” مقبولة من المرشحين، ورابعها تضميد ما يلحق بالمجتمع من جراحات بسبب الصراع الاجتماعي على صناديق الانتخاب.
وفق هذا التصور، يمكن اعتبار الانتخابات فرصة للعبور لا للمواجهة، ولحظة “للتقييم” والمراجعة، لا لتسجيل “الانتصارات” او اشهار الشماتة، كما يمكن اعادة الاعتبار من جديد لمفهوم “تحالف” الجماعة الوطنية بكافة اطيافها، والاعتراف بفشل انتاج “البديل” وخطأ طروحات “الاحلال” بمنطق المناكفة.
الدستور