نصدق رقم وزير العمل عن تسعمائة الف عامل ضيف في بلدنا. وان منهم الثلث فقط يعملون بشكل شرعي وبطاقة عمل رسمية, في حين أن الثلثين أي ستمائة الف يعملون خارج نطاق الدولة!!
كيف يستطيع العامل الاجنبي الدخول الى البلد من المطار او من المداخل الحدودية دون عقد عمل؟! ماذا يريد من زيارته للاردن؟! لا نستبعد أن تكون احصاءات السياحة ادخلت رقم التسعمائة الف عامل ضيف في ارقام السياح الذين يزورون البلد!! ولا نستبعد ان يكون هذا العدد أخذ شكل الرقم في مكاسب الاردن من السياحة وادخاله في الدخل الوطني.
قبل الكارثة السورية, كانت العمالة العربية والاجنبية مشكلة, وكان الجميع يشكو: وزارة العمل والشباب الباحث عن عمل, والاقتصاديون, ورجال التربية والتعليم. ولم نستطع ان نجد صيغة حضارية تنظم العمل, وتحدد استيراد العمالة, وتحمي الامن والمصلحة الوطنية من وجود اجنبي مفروض على الدولة.
الدولة بأجهزتها قادرة على ضبط كل شيء, لكن الفساد استشرى. فالعامل المصري الذي دخل كعامل زراعي دفع للفاسد الف دينار لقاء اصدار اذن عمل. وليس للفاسد ارض في الغور, أو في البادية, وليس عنده غنم مثلاً. وقد يستطيع السيد الفاسد ان يحصل على مائة اذن عمل ويضع في جيبه حصته من مردود الفساد المربح.
والعامل المصري الذي يعمل في الزراعة - ونقول المصري لاننا لا نملك ارقاماً للعمال البنغال وغيرهم - يفرض على الزراعة نمطاً لا يعرف غيره فتصبح ارض الاغوار والبادية مزارع بندورة. ثم يجد أنه «شاطر» في التسويق فينتقل الى الاسواق المركزية.. ويسيطر عليها.. ونطلب من الوزير المحترم.. وزير العمل ان يذهب صباحاً الى سوق الخضار المركزي هنا في عمان او في أي سوق آخر ليكتشف أن هناك من «يحكي أردني» لكنه غير اردني, يدير المزادات, ويوضب المعد للتصدير, ويعقد شراكات مع تجار المفرّق وليس عنده اذن عمل, او اقامة أو أي صلة بالدولة التي يعيش فيها غير الماء المجاني والخبز المجاني, والطبابة شبه المجانية, وهناك من تخرج ابناؤهم من المدرسة الحكومية.. او الخاصة.
نتحدث عن العمال والزراعة, وعندنا مشكل مماثل اسمه «خدمة البيوت» فالعائلة التي تستورد خدامة من الفلبين أو سيرلانكا أو كينيا تدفع للمكاتب اربعة آلاف دينار أو ما يوازي ذلك: وتستلم خدامتك عند باب بيتك.. وتسمع قصصاً من الناس عجيبة عن اختفاء الخدامة بعد أيام من تشريفها لبيوتنا, وتسمع أن الخدامات يذهبن الى سفارات بلادهن.. وانهن هناك بالعشرات. وأن لهن «مشغّل» في البيوت بأجر فاحش يصل في الساعة الواحدة الى خمسة دنانير.
ونقول للصديق وزير العمل: الله يعينك على حملك الثقيل. والمطلوب: قلب من ذهب, ويد من فولاذ فنحن اولى ببلدنا.
الراي