لماذا لا نستطيع الإنجاب .. ؟!
الدكتور فايز أبو حميدان
01-08-2016 01:57 AM
" الحلقة الأولى "
إن عدم المقدرة على الإنجاب معاناة إنسانية من الناحية النفسية والاجتماعية، وشعور غريب بالنقص لدى المعنيين، فالاضطرابات النفسية الناتجة عن عدم الإنجاب قد تؤدي إلى حدوث اضطرابات عضوية وتتسبب في نشوء أمراض متعددة ومختلفة،فهذه المسألة الروتينية الطبيعية في الحياة تصبح أكبر معضلة أمام الزوجين وتدخلهم في صراع مجتمعي وشخصي تكون عواقبه وخيمة وقد يُجبرهما هذا الوضع إلى إنفاق كل ما يملكون من مقدرات مالية لديهم وأحياناً دون جدوى.
حيث يُقدَّر عدد الأزواج غير المنجبين حوالي 15% من مجمل السكان في الدول الصناعية ولكن هذه النسبة سوف تزداد في السنوات القادمة ، وذلك يعود إلى أن سن الزواج وبدء الإنجاب أخذ في التأخر نتيجةً لأسباب اجتماعية ومهنية، فقد أصبح من الصعب على السيدات الزواج قبل سن 25 عاماً وذلك لارتباطهن في الحياة التعليمية ومحاولة إيجاد فرص عمل وتحقيق الاستقرار الاقتصادي، وهذا بدوره يؤخر مسألة الزواج، كما ان العادات المتبعة في تناول بعض المواد الغذائية المحتوية على هرمون الاستروجين، والسلوكيات الضارة كالتدخين وتناول الكحول، والضغط النفسي الناتج عن الأعباء الاقتصادية والاجتماعية ساهمت في تخفيض إمكانية الناس على الإنجاب، وذلك من خلال نقص وقلة حركة الحيوانات المنوية وتعثر مسألة الإباضة عند المرأة.
ومن ناحية أخرى فان التطورات التقنية والطبية في مجال المساعدة على الإنجاب تغيرت بشكل كبير وملحوظ منذ 30 عاماً، بحيث أصبح بمقدورنا علاج حالات كان ميؤوس منها سابقاً، وهذا بحد ذاته زاد من عدد الحالات التي ترغب في تحقيق أحلامها الاجتماعية والإنسانية في الإنجاب، بل وان هذا الوضع قد أدى إلى زيادة واضحة في عدد الحالات العلاجية حول العالم، فعدد الأطفال المولودين عبر تقنيات المساعدة على الإنجاب بلغ أكثر من 5 مليون نسمة في العالم، يضاف إلى ذلك وجود بعض الدول وخاصة في أوروبا والتي تعاني من شح في عدد المواليد تقوم بدعم الزوجين مادياً أو تتحمل تكاليف العلاج من خلال شركات التأمين الصحي أو الدعم الحكومي المباشر كما هو الحال في ألمانيا وفنلندا والدنمارك.
كما ويتوجب لفت النظر هنا إلى ان عدم المقدرة على الانجاب في الدول العربية والإسلامية تحتل مكانة خاصة في المجتمع وذلك لعلاقته بالمعتقدات الدينية والعادات والتقاليد، فعدم المقدرة على الإنجاب قد يؤدي في الدول الإسلامية إلى تعدد الزوجات مما قد ينتج عنه مشاكل اجتماعية والتي بدورها تؤدي إلى الطلاق وإنهاء العلاقة الزوجية، أما في الدول الأقل تطوراً كما هو الحال في الباكستان يتم عزل الفتيات اجتماعياً لعدم مقدرتهن على الإنجاب حتى لو كان الزوج هو المسبب لهذا الوضع.
وسنقوم عبر سلسة من الحلقات تحت عنوان (( لماذا لا نستطيع الإنجاب .. ؟! )) طرح مقالات حول مواضيع متعددة لها علاقة في عدم المقدرة على الإنجاب منها أسباب العقم، طرق العلاج، المخاطر والمضاعفات، ونسبة نجاح طرق المساعدة على الإنجاب، والتطرق للحديث عن الضوابط الأخلاقية والقانونية وضرورة مراقبة السجلات الطبية والوطنية في هذا المجال، ونصائح للمرضى، إلى جانب الحديث عن التكاليف وواجبات الدولة وشركات التأمين الصحي، كما وسنتطرق في هذه السلسلة إلى تقديم الإجابات الشافية على معظم التساؤلات التي تخص عدم المقدرة على الإنجاب لتكون نصائح لجميع المعنين.