رئيس وزراء سابق ، في الاردن ، يحول الى حسابه 600 الف دينار ، من عائدات النفط ، الى حسابه الشخصي ، وذلك بكتاب رسمي يوجهه الى محافظ البنك المركزي ، قبيل استقالته بساعات.
المعلومات السابقة ، هي مضمون تساؤل نيابي للنائب الدكتور على الضلاعين ، وجهه الى الحكومة الحالية ، متسائلا حول صدقية المعلومات ، بخصوص قيام رئيس حكومة سابق ، بتحويل مثل هذا المبلغ من حساب عائدات النفط الى حسابه الشخصي ، وهو اتهام جد خطير ، ولا يجوز ان يمر الامر هكذا ، وافترض بالرئيس الحالي ، ان يرد سريعا على سؤال النائب ، وافترض بالرئيس السابق الذي يتم الحديث عنه ان يخرج ويوضح الامر ، خصوصا ، ان تحويل ما يعادل مليون دولار الا قليلا ، من حساب الدولة في البنك المركزي الى حساب رئيس حكومة سابق قبيل استقالته ، بساعات ، هو امر مؤسف جدا ، ويأخذ دلالات واستخلاصات ، لها بداية وليست لها نهاية ، ان صحت الرواية.
قيل ايضا ، كثيرا ، عن مبالغ مالية تم حملها في حقائب ، قبيل مغادرة بعض المسؤولين لمواقعهم ، وقيل ايضا ، الكثير حول مخصصات ، محددة للانفاق من جانب مسؤولين على قضايا تخص عملهم ، فتم اخذها الى بيوتهم ، وقيل كثيرا ، عن منافع يحققها مسؤولون بطرق مختلفة ، فنكتشف انهم تحولوا بقدرة قادر من فقراء الى اصحاب بيوت وفلل واراضْ ومزارع ، ولا يخجل بعضهم ان يضع على مدخل بيته جملة "هذا من فضل ربي" ويكاد المار من هناك يخلع الحجر ، ويضع محله حجرا اخر يقول "هذا من مال شعبي" والفرق واضح جدا بين الحجرين والحالين والحقيقتين ايضا.
مكافحة الفساد ومحاربته ، ليست مجرد شعار ، يتم الحديث عنه في المناسبات ، فلا احد يجيب عن السؤال التاريخي الذي نسأله كلنا.. حول اسرار ثراء عشرات او مئات المسؤولين السابقين ، فلو جمعنا الرواتب التي حصل عليها بعض هؤلاء طوال عمرهم ، مع المياومات المحتملة ، وافترضنا انه لا يأكل ولا يشرب ولم يعلم ابنا في الجامعة ، ولم ينفق دينارا على شراء رغيف خبز ، لاكتشفنا ببساطة ان رواتب اي واحد طوال عمره قد لا تشتري له نصف شقة ، فمن اين اشترى هؤلاء املاكهم ، ومن اين حصلوا عليها اساسا ، ومحاربة الفساد تقوم على اساس هام ، يتعلق بتوجيه السؤال الى مثل هؤلاء ، لا.. انتظار البعض منهم ليقع في جريمة فساد كبرى تنكشف مما يؤدي الى الاضطرار لسؤاله ، واخطر انواع الفساد ، ليس فتح الخزينة لسرقة الف دينار او مليون دينار نقدا ، فهذه جرائم ساذجة ، فأخطرها هو تمرير معاملات ، ومشاريع مقابل عمولات ونسب وحصص واراض ، وهو الشكل الاسلم بالنسبة لكثير من الفاسدين.
سؤال النائب حول رئيس حكومة سابق ، لا يمكن اخذه باعتباره حقيقة نهائية ، غير ان النائب يتحدث عن معلومات محددة ، فما هو تاريخ الكتاب الصادر باتجاه البنك المركزي ، وهل الكتاب مسجل اصلا في الصادر والوارد ، وهل استجاب البنك المركزي لطلب الرئيس السابق سريعا ، واذا كان استجاب..فلماذا استجاب سريعا ، والتحويل هو من عائدات النفط الى حساب شخصي ، ولماذا بقيت المعلومة مكتومة ، وتسربت اليوم ، وهل هناك قصص شبيهة ، وهل تم تحويل المبلغ فعليا الى حساب دولته ، الذي ربما كان يعاني من فاتورة الديزل للشتاء ، فأحب ان يُحسن وضعه قليلا ، خوفا من البرد والصقيع ، ان صحت الرواية طبعا.
لا تلوموا شعبنا ، اذن ، حين ينظر بسخط الى هؤلاء ، وهم يتندرون فقط على حالات الفساد التي يتم الاعلان عنها ، والتي تتعلق بموظف بسيط يختلس الف دينار او اقل فتتم احالته الى القضاء ، ويسألون عن الحيتان الكبيرة ، التي لا تجد احدا يصيدها.
بالمناسبة ، من يريد "شطف الدرج من الاوساخ" يبدأ عادة من اعلاه نحو اسفله ، وليس من اسفله الى اعلاه.. أليس كذلك؟
m.tair@addustour.com.jo