أسئلة قد لا تكون «مشروعة» إلى روح حسن التل
حلمي الأسمر
28-08-2008 03:00 AM
أسئلتي اليوم التي أهديها لروح أبي الروحي حسن التل ، رحمه الله ، ربما ستكون في عرف الكثيرين متجاوزة لبعض الخطوط الحمراء ، لأن طرح بعض الأسئلة أصبح "غير مشروع" في عرف البعض ، لأنه سيقال انه ناشئ عن مشاعر إقليمية بغيضة ، وأنا كمسلم أولا واخيرا ، أنفر من هذه المشاعر ، وبرئت منها منذ زمن طويل ، فقد تربيت في مدرسة الإسلام التي علمتني أن هذه المشاعر منتنة ، وبغيضة ، ولا تخدم إلا اليهود الصهاينة الذين يحاولون إذكاءها كلما خبت ، ومن يشك في ذلك عليه أن يراجع مقالاتي في جريدة الدستور ومن قبلها في صحيفتي "العرب اليوم" و"السبيل" اللتين كان لي الشرف في المساهمة الفاعلة في تأسيسهما منذ سنوات طويلة ، ومن قبل في صحيفة "اللواء" التي كان لي شرف التعلم في مدرستها لمدة سبعة عشر عاما ، مدرسة حسن التل رحمه الله ، أن هذه الأرض هي أرض الله ، ونحن ورثتها ، وهو الذي علمني كيف كان يهب انتصارا لضعيف ، حتى ولو خالف رأيه عامة الناس،
ومع كل هذا ، لي أن أسأل ، لم يستهدف باسم عوض الله على هذا النحو السافر ، ولم الاجتراء على منصب رئيس ديوان الملك بشكل لم يسبق له مثيل؟ حتى أن هذا المسؤول بات عليه أن يستأذن المتربصين به إذا أراد أن يزور ديوان إحدى العائلات ، وتصبح مثل هذه الزيارة في عرف البعض تجاوزا على الأمن الوطني. لنا أن نسأل: لم يتم الاستقواء على الرجل بهذا الشكل ، وبهذا الحجم ، الذي يضطر معه رأس السلطة في الأردن للتدخل شخصيا ووقف الحملة ، ولو لم يفعل جلالته ما فعل ، لرأينا عجبا عجابا ، ربما أفضى إلى تحريض مباشر يهدد حياة الرجل،
بعد باسم عوض الله ، جاء دور حسني أبو غيدا ، رئيس مفوضية منطقة العقبة ، وفي الصحف اليوم وأمس ملف كامل عما قيل انه مخالفة لقانون المفوضية. وثمة أيضا مطالبة باستقالة الرجل من منصبه فورا ، الأمر الذي لم يجرؤ أحد على فعله مع آخرين ممن تسلموا سدة المسؤولية ، وقيل فيهم أكثر مما قال مالك في الخمر ، ولم يزالوا يجلسون على كراسي المسؤولية.
وقبل أبو غيدا ، رأينا حملة شرسة أيضا ضد جرير مرقة ، القائم بأعمال مدير التلفزيون الأردني ، بسبب عدم شرائه مسلسلا أو عملا فنيا معينا ، باعتباره مارس عملا يستحق اللوم فالهجوم ، وفي مرحلة لاحقة التشكيك بوطنيته ، ومن ثم المطالبة بعزله،
أنا لست ضد ممارسة الصحافة لكامل دورها في النقد وملاحقة أي فساد ، أو تجاوز على القانون ، فهذا حقها المقدس ، وهي حارسة لمصالح الناس ، ولكن استثمار هذا الحق لتوجيهه ضد مسؤولين بعينهم ، وتطنيش مسؤولين آخرين ، أو عدم الجرأة في الاقتراب منهم ، مع التجرؤ حد الهجوم الشخصي على آخرين ، يطرح أسئلة قد تبدو "غير مشروعة" في عرف من يشنون هذه الحملات: لم الجرأة على بعض المسؤولين والاستشراس في مهاجمتهم ، والإحجام ولو عن ضرب آخرين بوردة؟
أسئلة تدور في الذهن ونرجو أن نكون مخطئين في مشاعرنا وتحليلنا ، لأننا عشنا على هذه الأرض مهاجرين وأنصارا ، وحملنا في أعماقنا حبها ، وأرضعناه لأطفالنا ، بدافع وجداني طاهر ، فهذه الأرض هي أرض الحشد والرباط ، والأرض التي باركها الله عز وجل كونها من أكناف بيت المقدس ، ولأن حب الأردن كما تعلمناه في المدرسة الإسلامية عبادة ، فلا يزاود علينا أحد أو يتطاول جاهل ، فقد درست شخصيا في الجامعة الأردنية ، وخدمت في وكالة الأنباء الأردنية ، وعملت ولم أزل في الصحافة الأردنية ، وعشت وسأموت على ثرى هذه الأرض الأردنية الطاهرة وأعتز بكوني أردنيا حتى النخاع ، شاء من شاء وأبى من أبى ، علما بأنني حملت هذه الجنسية التي أتشرف بها ، لأنني ولدت لأبوين أردنيين ، على أرض أردنية ، كانت تدعى الضفة الغربية لنهر الأردن ، وهي الجناح الغربي للمملكة الأردنية الهاشمية،،
الدستور.