تثير تصريحات رئيس الهيئة المستقلة غير المسبوقة لسابقيه في الموقع الكثير من التساؤلات والتكهنات، وربما تؤشر الى ازمة صامتة في مكان ما لا يتعلق بالجانب الاجرائي للعملية الانتخابية، التي اكد العديد على انه لا يبدو ان هناك ازمة قائمة تعوق العملية الانتخابية في جانبها الاجرائي، فاغلب الاحزاب اعلنت مشاركتها في الانتخابات ولو ان مشاركة اغلبها ستكون من باب المشاركة الشرفية، ونسب المشاركة ستكون مدعومة بطبيعة الروابط الاجتماعية ومشاركة التيارات الاسلامية، وستكون هناك قوائم اجتماعية وحزبية جاهزة للمشاركة مع الموعد المستحق.
وفي الحكم على فلسفة القانون وجدواه والحكم على نظام القوائم المحلية والنتائج التي ستتمخض عنه بالإضافة الى اثره الاجتماعي والسياسي، تؤكد التجارب الانتخابية ان الازمات والفرص والاثار تأتي في اليوم التالي للانتخابات.
اذا كيف يمكن ان تفهم هذه التصريحات العميقة التي طالت مفاصل مهمة في العملية الانتخابية ومنها ان فكرة مقاطعة الانتخابات مسيطرة والثقة "متدنية، ومن ثم تأكيده على ان التحريض على مقاطعة الانتخابات جريمة بحق الوطن، وان مقاطعة نخب سياسية للانتخابات تمثل تحديا واضحا امام الهيئة، واخرها تأكيده على ان الانتخابات ستجري في موعدها ردا على بعض الآراء.
هذه التصريحات ان لم تكن تؤشر على ازمة ما، فقد تركت انطباعا ليس مريحا، بحثا عن السبب وراءها ، فقد ينظر اليها على انها تشكل محاولة استباقية للدفاع عما سيتمخض عن تطبيق القانون من نتائج عكس المتوقعة وكذلك اثره على نسب المشاركة وتشكيل القوائم فضلا عن اثاره السياسية والاجتماعية.
وقد ينظر اليها من باب ان القانون فعليا لا يحظى بقبول الغالبية لذلك وعند البدء بتطبيقه والتعامل مع تطبيقاته تحرك الرأي العام باتجاهات اكثر وضوحا وتعبيرا، فانتشار فكرة تأجيل الانتخابات من خلال وسائل التواصل الاجتماعي ودعوة المجلس السابق للانعقاد لبحث القانون من جديد وسرعة انتشارها وتبادلها وتأييدها مما اضطر الكلالدة للرد عليها، تشي بذلك وتشي بغيره.
واذا افترضنا جزافا ان مثل هكذا مطالبات شعبية لا تعبر عن المزاج الشعبي تجاه القانون وتطبيقاته العملية، فانه من الصعب التعامل مع طبيعة تصريحات رئيس الهيئة ومضامينها على انها لا تحمل دلالات مهمة للغاية.
فهل نحن امام مشهد جديد مفتوح على مختلف السيناريوهات، تشكل فيه تصريحات رئيس الهيئة المستقلة للانتخاب مؤشرا على ازمة صامتة في مكان ما، ام انها قراءة جديدة لآثار القانون ومدى قبوله والقدرة على التعامل معه ومدى امكانية تحقيق الاهداف من ورائه، اما ان التغيرات في الاقليم وتداعياتها باتت تفرض ايقاعا محليا مختلفا.
بكل الاحوال قرار تأجيل الانتخابات ليس من اختصاص الهيئة المستقلة ومثل هكذا قرار وبهذا الحجم لا يمكن ان يكون ضمن الحسابات الا ان كان هناك ما يستدعي ذلك وبشكل جدي وحاسم.