سوف نشهد خلال الاسابيع القليلة المقبلة، تطورات خطيرة على صعيد الجنوب السوري، القريب من شمال الاردن، اذ ان كل المؤشرات تدل على ان حربا من نوع آخر سوف تندلع في هذه المناطق، ولربما تكون الاشرس منذ بدء الفوضى السورية.
الاميركان والروس وغيرهما، قرروا تنظيف جنوب سورية، من الجماعات المقاتلة، والارجح ان يكون التركيز على جماعات مثل داعش، فيما الجماعات الاخرى مثل النصرة، تبرأت مسبقا من صلتها بالقاعدة، واعادت التموضع في تلك المناطق، بناء على نصيحة اطراف اقليمية ودولية، كي تنجو من العمليات المقبلة، ومعها بضع فصائل مقاتلة، بدأت ايضا، بترحيل معداتها وقواتها، لترك كل هذه المناطق امام العمليات المقبلة، وكأنها تتوافق فعليا مع الروس والاميركان في هذه الخطوة، اكانت شعاراتها دينية او وطنية.
هذا يعني ان ملفي حلب ودرعا، سيتم حسمهما خلال شهور الصيف الحالية، والمؤكد ان هناك توافقات روسية اميركية، ساعد في وضعها وتثبيتها، مايفعله تنظيم داعش حصرا.
جبهة الجنوب محاذية للاردن، وهذا يعني ان هناك تداعيات محتملة، اقلها اضطرار عشرات الاف السوريين للجوء الى الاردن، في حال بدأت العمليات، كما ان احتمال لجوء مقاتلين او هروبهم بأتجاه الاردن يبقى امرا واردا، مما يعني ان جبهة الجنوب لها تاثيراتها المتعددة بخصوص المدنيين، وبخصوص القتال ايضا، والعمليات التي ستبدأ، كما ان داعش قد يلجأ الى خلط الاوراق ميدانيا عبر توسعة دائرة المعركة مسبقا، او زيادة مساحة نيرانها.
في المعلومات غير المشهرة، ان الروس والاميركان، توافقوا حاليا على امر مهم، خلاصته تأجيل وجدولة ملف الاسد، والنظام، والبدء بمعركة حلب ودرعا، من اجل خلخلة التوازنات في هذه المناطق، بما يرسم بشكل نهائي معادلة الحل السياسي اذا تم الوصول فعليا الى هكذا مرحلة، ووفقا لمصادر مطلعة، فأن العمليات التي ينفذها افراد قاموا بمبايعة داعش في دول العالم، لعبت دورا خطيرا جدا في خلخلة الموقف الاميركي، والتنازل امام الروس، في بعض القضايا، بعد ان ثبت على الارض ان التوافق بين الروس والاميركان لامفر منه، ولو على اساس «جدولة الملفات» وتأجيل الملفات المختلف عليها.
المثير في هذا الصدد ان معركة حلب التي تتولاها قوات دمشق الرسمية والروس، وقوى اخرى، تعد متواضعة جدا، مقارنة بما يتم التخطيط له، بشأن الجنوب السوري، الذي سوف تشهد خطته عملا مختلفا تماما، من حيث انهماك قوات تتباين علاقات قياداتها السياسية من دول مختلفة في العالم، في معركة واحدة ضد داعش، وكأنهم جميعا يقدمون خدمة مجانية لنظام الاسد بتطهير هذه المناطق، اضافة الى الكلام عن التدخل البري، ولو عبر عمليات خاصة، او دخول قوات سورية مدربة لاحقا، او قوات دولية، وهذا الجانب وحده يثير محاذير كثيرة.
في تحليل مهم يقول مطلعون ان معركة الجنوب السوري، قد تكون سببا في اعادة رسم خارطة المنطقة كليا، فلا احد يضمن الكيفية التي سوف تستفيد منها القوى العظمى من هذه المعركة، ومالذي تريده منها، وفقا لحساباتها الخاصة، بمعزل عن الحسابات المعلنة والثنائية، وهذا هو الجانب الواجب استبصار اسراره، فقد يكون الجنوب، مدخلا لصياغة كبرى لسورية والمنطقة، قبل ان يكون توطئة للخلاص من داعش فيها.
الدستور