حين بدأ الغرب يصحو من غيبوبة سياسية وسُبات اخلاقي دام اكثر من قرن فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، جاء هذا التوقيت المريب لاقتراف جرائم ضد المدنيين والاطفال ودور الفن والثقافة والرياضة في عواصمه، وكأن من ارادوا ذلك أزعجهم موقف اكاديميين ورجال دين ومثقفين من مختلف عواصم اوروبا اعلنوا عن مقاطعتهم لاسرائيل وادانوا وحشيتها، وما يحدث الان في الغرب هو ردود افعال قابلة للتصعيد ضد العرب والمسلمين، وبالتحديد ضد اللاجئين الذين لم يجدوا انصارا في ديارهم واوطانهم فبحثوا عنهم وراء البحار !
ان مشهد ذبح الكاهن الفرنسي وهو في السادسة والثمانين من عمره، وله مواقف ايجابية مع اللاجئين هو بحد ذاته مشهد يصيب قارة برمتها بالقشعريرة، ويطرح مليون اشارة استفهام حول الدوافع لمثل هذه الجرائم، والهدف الحقيقي منها، والمريب في هذه الافعال الوحشية ليس فقط التوقيت بل ايضا تجنب اي هدف اسرائيلي او ذي صلة بالاحتلال وامتهان الكرامة القومية .
ولكي لا نقول التكرار يعلّم الحمار نكتفي بالقول بأنه يعلم الشطار وتكرار هذه الجرائم له دلالة واضحة لا تقبل اي التباس او تأويل هو الحاق ما يمكن من الأذى بالقضايا العربية العادلة التي بدأت تحظى باهتمام الناشطين الغربيين، هذا اضافة الى تكريس الصورة التي رسمها الاستشراق الكولونيالي للعربي وهو تبعا لهذا الاستشراق خائن وكاذب ومزدوج الشخصية، وما أنفقه المثقفون العرب بدءا من ادوارد سعيد لتبديد هذه الصورة يتولى الان اميّون مسلحون بالجهل شطبه بجرة سكين وليس بجرة قلم .
ولا يكفي للعرب ان يكونوا شركاء في حرب شبه كونية على الارهاب، فالمطلوب منهم وعلى الفور هو حراك دبلوماسي وثقافي وفني في كل عواصم الغرب لتقديم الصورة المضادة لهذا التوحش وهذه النزعة العدوانية السّادية، وهذا ليس بهدف تبرئة الذات بقدر ما هو ايضاح للعالم كله بأن هؤلاء القتلة لا يتجاوز عددهم نسبة الشواذ التقليدية، فالعرب الان اكثر من ثلث مليار، ومعظمهم باستثناءات قليلة يشعرون بالاشمئزاز والقرف مما يرون، لأنهم ايضا مستهدفون من الايديولجيا العمياء ذاتها وربما يذبح بالسكين ذاتها عراقي او مصري او سوري او جزائري او فرنسي والماني وبريطاني !!
الدستور