الأردنيون يتوقون لسماع الملك
عدنان الروسان
30-07-2016 06:51 PM
قال ملك المغرب في خطاب له يوم امس "مفهومنا للسلطة يقوم على محاربة الفساد بكل أشكاله، في الانتخابات والإدارة والقضاء، وغيرها ، محاربة الفساد هي قضية الدولة والمجتمع ، الدولة بمؤسساتها، من خلال تفعيل الآليات القانونية لمحاربة هذه الظاهرة الخطيرة، وتجريم كل مظاهرها، والضرب بقوة على أيدي المفسدين ” أما في الأردن فتركز النخبة السياسية المستفيدة بصورة أو بأخرى من المسحات الواسعة التي يتيحها القانون للمفسدين على ضرورة أن لا يتم استخدام شبهة الفساد لإغتيال الشخصية و أن لا يكون هناك توجيه اتهامات دون أدلة و وثائق خطية ، و انه لا يجوز التعميم ، و ان الفساد موجود في كل مكان في العالم و ان الردن ليس استثناء.
نعود للموضوع التركي للحظة ، لتشابه المواقف رغم اختلاف الموضوع ، الولايات المتحدة الأمريكية تركز كل يوم عبر عشرات التصريحات لمسئولين في الإدارة المريكية و البنتاغون و وزارة الخارجية أن على تركيا أحترام حقوق المتهمين و عدم الإساءة الى الإنقلابيين ، و الإتحاد الأوروبي يهدد بالويل و الثبور اذا اعيد تشريع حكم الإعدام في البرلمان و لا أحد في امريكا او اوروبا يسأل عن الضحايا الذين قتلوا بالشعرات او المئات على ايدي الإنقلابيين ، و لا أحد يبدي اسفا على الأرواح التي ازهقت و لا أحد في كل الولايات الولايات المتحدة المريكية و اوروبا ارسل رسالة تعزية واحدة للحكومة التركية او لأسر الضحايا الأتراك.
في اوروبا و أمريكا يريدون حماية الإنقلابيين هذا كل همهم ، و نحن في الأردن نريد أن نحمي الفاسدين حتى أن رئيس الوزراء السابق قال أن لا فساد في الأردن و أن حالات الفساد لا تعتبر شيئا يذكر و ان الناس تبالغ كثيرا ، و حينما تسألهم عن ملفات الفساد و عن مليارات الدين أين ذهبت و عن العجز الهائل في الموازنة و عن الفقر و الجوع و البطالة التي يعاني منها الشعب الأردني يحيلوك الى اللازمة المعروفة " يااخي الأردن بلد فقير و محدود الموارد والإمكانيات و الحمدلله على نعمة الأمن و الأمان " و يتابعون تناول المنسف و المعزب يشرب باللبن الكركي و السمن البلقاوي الذي استدان ثمنه ليعزم الرئيس او الوزير.
لماذا يمتلك المغاربة الجرأة ليقولوا ان علينا محاربة الفساد و القضاء عليه " و أنا لا أقول أن ليس في المغرب فاسدين و مفسدين و لا أدافع عن حالة المغرب و لست لا مؤهلا و لا راغبا في ذلك " و لكنني أحترم ان يعترف المسؤولون بالخلل حينما يوجد و يشددوا على ضرورة اصلاحه و لا يعيشوا حالى انكار دائمة لكل المشاكل كما هو حاصل عندنا دائما ، لا يمكن الا أن نعجب بملك المغرب الذي وقف عددا من المواقف الإستراتيجية في السنوات الأخيرة التي حافظت على النظام و رفعت أسهم الملك عند القواعد الشعبية .
يتوق الأردنيون و يتشوقون " و أرجو أن تمتلك عمون الجرأة الكافية لعدم وقف مقالي " ، أقول يتوق الأردنيون و يتشوقون منذ أمد طويل لأن يروا جلالة الملك عبدالله الثاني شخصيا يقف خطيبا فيهم و يقول لهم أنه معهم ضد الفساد و أنه يريد اردنا خاليا من الفساد والمفسدين و أن الأولوية ليست لحماية الشخصية من الإغتيال بل الأولوية لحماية الشعب و الوطن من الإغتيال ، دون اهمال الحريات الفردية بالطبع ، و انه يجوب انحاء الدنيا كلها لإستدراج الإستثمارات الى الأردن للقضاء على الفقر و البطالة ولكن الحكومات التي يجب ان تتابع بعده لا تفعل ذلك و تقوم بالحنث باليمين الذي أقسموه بين يدي الملك و بشهادة ملك الملوك ، يتوق الأردنيون الى أن يسمعوا خطابا واضحا جليا من جلالة الملك عبدالله يرسم افاق المستقبل مهما كانت لأن الناس يريدون ان يسمعوا رؤية القائد و خططه ، و هل هناك افاقا عليهم ان ينتظروها أم ان امور الناس موكولة الى أحزاب كلها " حمولة بكم " بشهادة وزير داخلية مدير مخابرات اسبق ، و إلى رؤساء حكومات لا يهمهم الا الإختباء وراء عباءة الملك و انهاء مدة محكوميتهم بأقصى حمولة من الحلال و الحرام و من ثم العودة الى ديوانياتهم التي تصبح مراكز شد عكسي و نواد للمقامرة السياسية ، و إلى مراكز قوى تعيش في الظل و قد لا يعلم عنها أحد .
الأردنيون يريدون أن يفرحوا يوما بخطاب ملكي مليء بالمعاني و الحقائق عما هو كائن و ما سيكون لأنهم سئموا من أحاديث الحكواتية و ابتساماتهم الصفراء و عزفهم المنفرد على منظومة الأمن والأمان التي باتت موضع تندر في كل مجالس الأردنيين و نواديهم و دواوينهم ، الأردنيون يريدون أن يسمعوا من جلالة الملك الى أين تتجه السفينة و متى يكون موعد الوصول لأن كثيرا من الركاب قد ماتوا و هم يتمنون الوصول الى أي شاطيء و يبدوا أن السفر بعيد والزاد قليل و البوصلة معطلة .
لدى الأردنيين قدرة هائلة على الصبر و هم يكظمون غيظهم ، و لا يحملون حقدا في صدورهم و لكن همسهم بات ضجيجا عاليا مكبوتا و لا بد من الإنتباه اليه ، لا بد من أن يقف ولي الأمر ليخاطب شعبه و يحدثهم بصراحة و بعيدا عن شكليات البروتوكول و المجاملة ، فالناس تريد حقائق و تريد أن تتعرف على بعض ملامح المستقبل من خلال رؤية جلالة الملك ...
فهل نسمع خطابا لجلالته قريبا ..!!