مهرجان الفحيص .. ربع قرن من الجمال والابداع
اسامة الرنتيسي
30-07-2016 02:01 AM
ربع قرن من الجمال والابداع والفن الملتزم والثقافة الجادة، يسطرها مهرجان الفحيص في مواجهة التجهيل والخراب والخواء الذي ينتشر في ربوع محيطنا، مثل النار في الهشيم.
مهرجان الفحيص (الأردن تاريخ وحضارة) ليس فعلاً شبابياً نادوياً، وليس أياماً لإقامة حفلات فنية أو ندوات متخصصة، وليس احتفالاً بشخصيات وطنية ومدن أردنية وعربية.. إنه تمازج حقيقي بين كل ما هو حقيقي في بلادنا وما هو مزيف.
فقبل 25 عاماً التقى نخبة من شباب الفحيص في أهم مؤسسة احتضنت أنشطة المدينة آنذاك هي نادي شباب الفحيص، وبعد أن غادرت البلاد حقبة الأحكام العرفية فكروا بإقامة مواسم فرح وعشق، وتوصلوا إلى أن الفن والثقافة الحقيقيَّين لا بد أن يكون منبعهما التاريخ الذي يصل الأمم بالحضارة، فاختاروا شعار المهرجان (الأردن تاريخ وحضارة)، واستمر هذا الشعار مع المهرجان من سنته الأولى حتى هذا العام الذي يفتتح برعاية ملكية سامية من قبل ولي العهد الامير الحسين بن عبدالله الخميس المقبل.
كانت الفكرة صعبة في البداية، لكن التصميم الذي يمتاز به (صبيان الحصان) وهو الاسم المحبب لكل أهالي الفحيص، هو الذي منح الفكرة عظماً ولحماً، وكان المهرجان في سنته الأولى كرنفال فرح شارك به كل أهالي الفحيص، خاصة السكان حول موقع المهرجان في البلدة القديمة.
كبر المهرجان، وأصبح منافساً لمهرجان جرش، وتوالدت بعد ذلك المهرجانات في أكثر من مدينة أردنية، وتجاوز مهرجان الفحيص في نسخته الثالثة الطابع المحلي، واختار من الفن العربي المطربين الأكثر جماهيرية والأكثر التصاقاً مع شعار المهرجان، وأصبحت أيام المهرجان تتجاوز الأسبوعين، واختلطت الثقافة مع الفن والإبداع والأعمال المميزة الأخرى، فتوسعت خطط المهرجان، وأصبح حملاً سنوياً على عاتق شباب الفحيص، وتحت مسؤولية إدارة نادي الفحيص.
بعد ربع قرن، وبعد أن راكم المهرجان خبرات مبدعة لدى الشباب في إدارة المهرجانات، وبعد أن أصبح توثيق أعمال المهرجان ومتابعته يحتاجان إلى جهد أكبر من جهد مؤسسة واحدة، بدأ الحالمون في ديمومة المهرجان والخائفون عليه من تقلبات الأوضاع المجتمعية يطرحون إيجاد مؤسسة ترعى المهرجان، وتشرف عليه سنوياً، وتفكر طيلة العام في تعزيز فعالياته وحماية أهدافه.
فكرة مأسسة المهرجان ليست جديدة، وتطرح كل عام قبل أيام من بدء المهرجان، وتكثر الأفكار حولها خلال أيام المهرجان، لكن حتى الآن لم يتم وضع تصور واضح لهذه المأسسة وعلاقتها مع إدارة المهرجان، ممثلة في نادي شباب الفحيص.
لقد أصبح المهرجان حملاً ثقيلاً وجميلا على الجميع، وعلى ادارة النادي بشكل خاص، وحماية الثقافة الجادة والفن الملتزم تحتاج إلى جهود الجميع، فلا يجوز أن يبدأ المهرجان كل عام من نقطة الصفر ومن موازنة تعتمد على جهود الخيّرين ودعم المؤسسات الشعبية والرسمية، وهي مهما كان حجمها لا تعادل الجهد والسهر ولحظة الإبداع عندما يتم إيقاد شعلة المهرجان.
نثق بقدرة ادارة النادي الحالية وعلى رأسها الصديق المبدع ايمن سماوي في تنظيم وادارة افضل مهرجان يعكس صورة الفحيص الحضارية، ونثق ان امكاناته قد تتعدى مهرجان الفحيص الى الاشراف العام على مهرجانات الاردن عموما، كما قد تحتاجه مؤسسات اخرى في الفحيص والاردن.
الآن هناك فريق واسع من الفحيصيين ومحبي الفن والثقافة يتطلعون إلى الارتقاء بوضع المهرجان في الاتجاه الذي يسمح بتوثيق فعالياته ومراكمة الخبرات، وهذا يتطلب بناء مؤسسة تكون حاضنة له حتى يتم الانفكاك من حالة الاندفاع العاطفي التي تأخذ شكل "الفزعة" لإنجاح المهرجان.