منتدون أردنيون وأتراك: تداعيات الانقلاب الفاشل
28-07-2016 01:26 PM
أكد المشاركون في الندوة التي عقدها مركز دراسات الشرق الأوسط مساء أمس تحت عنوان" محاولة الانقلاب في تركيا: الدلالات والتداعيات"، أن موقف الشعب التركي كان له الدور الأكبر في إفشال محاولة الانقلاب العسكري في تركيا إضافة إلى الإجراءات التي قامت بها المؤسسة الأمنية والسياسية لمواجهة تلك المحاولة.
وتحدث في الندوة التي أدارها رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط جواد الحمد عدد من الباحثين الأردنيين والأتراك ، بحضور السفير التركي في الأردن سادات أونال وحشد من الشخصيات السياسية والاقتصادية والأكاديمية.
وأكد رئيس مركز دراسات الشرق الاوسط جواد الحمد أن إفشال محالة الانقلاب تم بسواعد الشعب التركي وقيادته ومؤسساته مما أعطى نموذجا جديداً في امكانية كف يد الجيش عن التدخل في الحياة السياسية والعامة، مشيرا ً إلى أسباب الاهتمام العربي والإسلامي بما يجري في تركيا لما تشكله من أهمية استراتيجية، وتجربة ناجحة للديمقراطية، وما حققته من تقدم ونمو اقتصادي كبير، إضافة دعم النظام الحاكم في تركيا للقضايا العربية والإسلامية.
فيما أكد السفير التركي سادات أونال في مداخلة له أن تركيا خرجت أقوى وأكثر وحدة بعد نجاح الشعب التركي في إفشال الانقلاب الذي كان يهدف إلى تدمير الديمقراطية ونشر الفوضى في تركيا، وعزا هذا النجاح إلى التفاف الشعب حول الدولة للدفاع عن الشرعية التي منحها الشعب عبر الانتخابات للحكومة والرئاسة، مشيراً إلى أن من قام بمحاولة الانقلاب يمثلون مجموعة صغيرة من الجيش مرتبطة بحسب التحقيقات بجماعة فتح الله غولن.
كما أكد اونال أن الاقتصاد التركي قوي ويستطيع تجاوز ما جرى من أحداث، وأوضح أن إعلان حالة الطوارىء هدفه ملاحقة فلول الانقلاب وإخضاعهم للعدالة دون التأثير على الحياة العامة للشعب أو التأثير على السياحة، كما أكد التزام تركيا بالمعاهدات والمعايير الدولية المتعلقة بحقوق الانسان والقضاء، كما طالب بمنع نشاط جماعة غولن في مختلف الدول.
فيما اعتبر الباحث والمحلل السياسي التركي محمد زاهد غول أن ما جرى من محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا سيكون لها تداعيات على السياسة التركية داخلياً وإقليمياً ودولياً، بحيث ستكون هذه السياسة أكثر قوة لا سيما في تأييد القضايا العربية والدولية العادلة.
واعتبر غول أن يقظة الجيش التركي ورفض قطاعات كبيرة منه للانقلاب، وتحرك الشعب التركي ومقاومته للدبابات في الشوارع، ووقوف أحزاب المعارضة والإعلام إلى جانب الحكومة التركية ورفض الانقلاب سياسياً، والإجراءات التي اتخذها الرئيس أردوغان وحكومته في مقاومة الانقلاب، كان كفيلاً بإفشال المحاولة الانقلابية، مما أظهر "اللحمة الكبيرة بين الجيش والحكومة الشرعية والشعب" بحسب غول.
واستعرض غول ما جرى من أحداث ليلة محاولة الانقلاب وكيفية تعامل السلطات الأمنية والسياسية مع تلك المحاولة ودور كل من رئيس هيئة الأركان خلوصي آكار و رئيس المخابرات التركية هاكان فيدان في إفشال تلك المحاولة.
وأشار غول إلى أن كل البيانات التركية الرسمية أكدت وقوف جماعة فتح الله غولن وراء الانقلاب، مع وجود قناعة شعبية بوقوف الإدارة الأمريكية وراءه، نظراً لما أثبتته الوثائق الأمريكية من دور أمريكي وراء انقلابات 1960 و1971 و1980 و1997، إضافة إلى ما يتمتع به غولن المقيم في أمريكا من حماية وسلطة ونفوذ يساعده على قيادة تنظيمه المنتشر في أكثر من مائة دولة.
واعتبر غول أن دوافع أمريكا والدول الأوروبية في دعم الانقلاب و تقاطع مصالحها مع الكيان الموازي في تركيا، فيما اكد ان فشل محاولة الانقلاب سينعكس على علاقات تركيا مع الدول العربية إيجاباً خاصة مع دول مجلس التعاون الخليجي .
واعتبر غول أن معظم الدول الغربية وإسرائيل كانت سترحب "بحكام تركيا الجدد في حال نجاح الانقلاب" باعتبار أن الانقلابيين يريدون إعادة تركيا إلى المسار الديمقراطي العلماني الليبرالي ضد التوجه الإسلامي الذي يقوده الرئيس أوردغان.
من جهته استعرض الدكتور شعبان كردش مدير مركز الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية في أنقرة، مراحل الصراع بين جماعة فتح الله غولن والنظام في تركيا منذ عام 2010 وحتى محاولة الانقلاب الأخيرة.
وأضاف كردش بأن هناك الكثير من النقاش في تركيا وخارجها حول حجم التخطيط للانقلاب وما أظهرته الأحداث من مدى احترافية التخطيط للانقلاب"، معتبراً أن انكشاف خطة الانقلاب قبل ساعات من موعده، و مقاومة الشعب وقوات الأمن والمخابرات للانقلاب أسهمت بشكل كبير في إرباك الانقلاب وفشله.
وأكد كردش أن ما قامت به الحكومة التركية عام 2012 من تطهير لقوات الأمن من جماعة "غولن" ساهم في فشل محاولة الانقلاب حيث وقفت قوات الأمن في وجه الانقلابيين.
وأشار كردش إلى عدة تساؤلات تتعلق بعدد القيادات العسكرية في الجيش المتورطة في الانقلاب في ظل انعدام أي تسريبات حول شهادات من يتم التحقيق معهم من المتورطين في محاولة الانقلاب.
ولفت كردش إلى عدة إجراءات بعد محاولة الانقلاب ومنها وضع قوات الدرك تحت قيادة وزارة الداخلية إضافة إلى تغييرات متوقعة في هيكلية الجيش، كما أشار إلى ما جرى من اعتقالات لأعداد كبيرة من الموظفين للتحقيق معهم، موضحاً أنه سيتم الإفراج عمن سيثبت عدم تورطهم في محاولة الانقلاب.
كما أكد كردش أن ما جرى أثر بشكل سلبي في ثقة الشعب التركي بالجيش، كما أثر على معنويات الجيش، وهو ما يجب معالجته خلال الفترة القريبة القادمة حسب كردش.
فيما استعرض الخبير العسكري الدكتور قاصد محمود قدرات الجيش التركي وقوته العسكرية، معتبراً أن ما جرى كان انقلاباً داخل الجيش نفسه من قبل مجموعة صغيرة من الجيش وأن الإعداد له استغرق عدة سنوات من التخطيط مما يعكس حالة " تسلل سياسي إلى الجيش وخللاً في حالة الضبط داخل صفوفه وتراجع مستوى الثقة بين قياداته".
ويرى محمود أن محاولة الانقلاب فشلت عسكرياً قبل 12 ساعة من موعدها من خلال مجموعة تحركات سياسية وعسكرية سبقت ساعة الانقلاب مما دفع قادة تلك المحاولة لتقديم موعدها 6 ساعات.
واضاف محمود أن عدم تورط القادة العسكريين الأساسيين في محاولة الانقلاب وفشل الانقلابيين في السيطرة على أنظمة الاتصالات ووجود قوة الأمن التي كانت موازية لقوة الجيش وتحركها ضد محاولة الانقلاب كان له الدور الأساسي في إفشال تلك المحاولة.
وأكد محمود أن ما جرى سيكون له عدة آثار سلبية لا سيما على الجيش من خلال تراجع معنوياته وتراجع مستوى الثقة بين قادته ووحداته وسيتسبب بفراغ داخل قيادة الجيش وتراجع لكفاءته العسكرية، وتوسيع الفجوة بين الجيش والقوات الأمنية، وتأثر جهاز الاستخبارات.
و يرى محمود أن المؤسسة العسكرية ستكون أمام مراجعة إستراتيجية شاملة، وأن تركيا أمام تحدي إعادة بناء الثقة الوطنية الشاملة وايجاد مقاربة وطنية تخرج بتركيا مما جرى لتكون أكثر قوة من قبل.
وفي ورقة قدمها وزير التربية والتعليم الأسبق عزت جرادات بعنوان "قراءة في الأزمة التركية"، أشار جرادات إلى ما أكدته الأحداث في تركيا من أهمية الوحدة الوطنية ودورها في حماية الدولة، وأهمية ترسيخ وبناء دولة القانون والمؤسسات مشيراً إلى أن النظام العالمي بات غير حريص على نشر الديمقراطية بقدر الحرص على تحقيق مصالحه.
وتطرق جرادات إلى ما جرى من تطورات يوم الانقلاب وما تبعها من أحداث وطرح سيناريوهات حول من يقف وراء تلك المحاولة الفاشلة، كما استعرض المواقف الدولية تجاه ما جرى سواء ما يتعلق بالمواقف الأوروبية والإيرانية أو الإسرائيلية التي التزم الصمت تجاه ما يجري، و ما أظهرته تصريحات غير رسمية من تلك الدول ترحب بتلك المحاولة.
كما استعرض جرادات الموقف الأمريكي والمواقف العربية المتناقضة تجاه ما حدث في تركيا، فيما تناول عدد من أسباب فشل محاولة الانقلاب معتبرا أن ما جرى يمثل فرصة للتقييم في تركيا وإعادة بناء الجيش وتحقيق مزيد من التقارب مع المعارضة مع الالتزام بسيادة الدستور والقانون.
وتوقع جرادات ظهور متغيرات في العلاقات التركية الخارجية لا سيما تجاه أمريكا والاتحاد الأوروبي مع بقاء هذه العلاقات مرتبطة بالمصالح المشتركة، فيما توقع تطور العلاقات التركية مع دول الإقليم.