"اسمهان" اغلى من "عودة ابو تايه" عند ادارة التلفزيون!
خالد فخيدة
26-08-2008 03:00 AM
ان تعد ادارة التلفزيون الاردني دورة برامجية رمضانية خالية من الاعمال الدراميا المحلية التي تسابقت عليها الشاشات العربية خلال الشهر الفضيل، فذلك لا يستفز علامات الاستفهام فقط، وانما محاكمتها بتهمة اغتيال نجاح الفنان والمنتج الاردني اللذين مكثا اكثر من 10 اعوام في غرفة الانعاش بسبب المقاطعة الخليجية لهما ابان احتلال نظام صدام حسين للكويت في آب 1989. فان تتحفنا ادارة التلفزيون بعرض اعلان مسلسل اسمهان على الشاشة الوطنية خلال رمضان في الوقت الذي بررت فيه غياب الدراما الاردنية عن شاشاتنا الوطنية بحجة شح الميزانية والطفر، فيه ما يجعل هذا التبرير مردود على اصحابه.
فادارة التلفزيون التي رصدت ثلاثمائة الف دولار، كان الاحرى بها ان تتجه مثلا الى مسلسل عودة ابو تايه الذي فيه ما ينمي ثقافة المواطن التاريخية ويمكنه من الارتباط بتاريخه عبر الصورة والحركة وليس التلقين. فأسمهان، مع احترامنا لرفعة قدر فنها، لم ترسم مع رجالات الثورة العربية خارطة مستقبلنا ونهضتنا التي وقف ابو تايه والكثير من رجالات الوطن خلف الهاشميين لغرس رواسيها.
والغريب ان الجميع يتحدث عن الهوية الاردنية التي كرسها اكثر من منتج اردني في اكثر من سبعة اعمال تجاوزت كلفتها 26 مليون دولار، وادارة التلفزيون مصرة على التوجه الى اعمال اخرى ثبت في بعضها ما يسيء الى الثورة العربية الكبرى مثل مسلسل لورانس العرب الذي طلبت ادارة التلفزيون تصويب تلك الاساءات. في هذه الازمة، نحن لسنا مع جهة ضد اخرى، ولكننا مع الهوية الاردنية التي يجب على التلفزيون الاردني بصفته الرسمية ان يكون اول المنمين لها والمدافعين عنها، وليس شطبها عبر اجتهادات خضعت لقواعد الربح والخسارة.
ادارة التلفزيون تقول ان المنتجين الاردنيين لم يتفاوضوا معنا الا متاخرا الامر الذي لا يتيح لها تسويق المسلسل اعلانيا وتجاريا، وفي المقابل كان احد المنتجين يبرز اوراقه الثبوتية التي تؤكد بان المخاطبة تمت في شهر ايار الماضي اي قبل اربعة اشهر، ولكن الاولى لم تعرهم اي انتباه.
وبدلا من تجاوز الازمة وانصاف الفنان الاردني ادارت ادارة التلفزيون ظهرها للفنان الاردني الذي حرك نقابته لمتابعة "همه" لتعطي انطباعا بان المسالة ليست اجتهاد وخطأ غير مقصود وانما استقصاد، وبدلا من الالتقاء عند "الهوية الوطنية" التي يجب ان لا تغيب عن الشاشة الوطنية، تحولت الازمة الى معركة شخصية، وكأن القضية " لا تنازل لا استسلام".
حينما نتحدث عن الثقافة الوطنية، فالاولوية للفنان الاردني التي تزاحمت على عرض اعماله الفضائيات العربية رمضان هذا العام الاولوية. فمن غير المعقول ان تتمكن فضائية عربية من جلب رعايات رابحة لمسلسل عودة ابو تايه في الوقت الذي يقول فيه التلفزيون الوطني انه عاجز عن ذلك. ان تفرض علينا ادارة التلفزيون اسمهان التي لم تضع لمساتها في صياغة تاريخنا وتدفعنا للبحث عن تاريخنا في عودة ابو تايه عند جيراننا، فهذا المطلوب من ادارة التلفزيون الاجابة عليه. فهجرة المواطن الاردني الى اعلام الاخر فيه ما يجعله فريسة للاجندات المسمومة في الوقت الذي تشير فيه احدث الارقام الاحصائية ان ادارة الاخبار المركزية في التلفزيون نجحت في استقطاب ما يقارب المليون مشاهد لنشراتها يوميا. فهل المطلوب افشال مؤسسة الاذاعة والتلفزيون ام ماذا؟، سؤال كبير يحتاج الى اجابة؟!!!