مؤتمر القمة العربي العشرون أو الخامس والعشرون أو الثلاثون، لا أدري، فقدنا العدّ منذ فترة طويلة جدا، في نواكشوط (...)، وليس غريبا أن نصف الزعماء ملوكا ورؤساء لم يذهبوا للمشاركة في المؤتمر والذين حضروا في غالبيتهم رؤساء لبلاد مهشمة، مدمرة مستحلة واعتبروا المؤتمر فرصة للتنزه على شواطئ الأطلسي غربي أفريقيا ويتناولوا بعض الوجبات من أشهى اسماك العالم فالشاطئ الموريتاني يسمى الشاطئ الذهبي ويصدر معظم ما يصطاد منه الى باريس ليستمتع الفرنسيون بالأسماك اللذيذة بين كل انفجار وآخر.
مؤتمر القمة العربي الأول كان في السودان على ما أظن وكانت شعارات المؤتمر لا صلح لا اعتراف لا مفاوضات، اي باسرائيل ومع اسرائيل وقد اعقبت نتائج المؤتمر الذي سبقته هزيمة مدوية للعرب مع اسرائيل حيث هربت كل الجيوش العربية امام جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي كان نصفه سكارى ونصفه محششين من الخوف ومع هذا وجدونا نركض بأقصى سرعة في كل أرجاء الأرض شرقاً وغرباً ولذلك اجتمع الزعماء وقرروا أن لا صلح ولا مفاوضات ولا اعتراف وبهذا نكون قد افشلنا مخططات اليهود باذلالنا كأمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة، واعقبت المؤتمر واللاءات الثلاث الأناشيد والمارشات العسكرية تصدح من صوت العرب وكل الإذاعات العربية أمجاد يا عرب أمجاد، والأرض بتتكلم عربي الى آخر سوالف الحصيدة التي عشنا على انغامها اربعين عاماً من التيه العربي.
وبدأت مؤتمرات القمة تتوالى وبدأت الهزائم تتتالى، وبدأ عصر الانحطاط العربي سياسيا واجتماعيا وفكريا وثقافيا يتعمق، وكتب الكثيرون ينبهون ولم يكن الحاكم العربي مهتما بالإصغاء فقد كان مشغولا دائما كيف ينجح في الانتخابات القادمة بنسبة تسعة وتسعين بالمائة وبعض الأعشار وبقي الحاكم العربي حاكما الى أن جاء الربيع العربي، فتخوزق من تخوزق من الحكام، وانقلب الى زعيم عصابة من انقلب وذهب يتجعف على فراش المرض تظاهرا من ذهب، وأعدمت أمريكا بلد الحريات صدام حسين قبل ذلك وجاء زعماء جدد، انقلابيون شديدو الابتسام وبعضهم لهم فلاتر كآليات الكاتربلر وبعضهم اخترع جهازا للكفتة، المهم تغير الحال ووصلنا اليوم الى مؤتمر نواكشط الذي يبدا اليوم وينتهي اليوم، وسيكون البيان الختامي على عربيات بياعي الضراية والترمس قبل كتابته بالتأكيد.
لم يعد لشيء طعم في حياتنا العربية ولا حتى حينما نلعب الورق مع أصدقائنا، فنتائج اللعب كنتائج الحروب العربية مع اسرائيل لا يمكن أن يعترف المغلوب انه غلب وغلب هنا مبني للمجهول فما بالك لو كان المقام يسمح بالمبني للمعلوم، فالمنهزم دائما يدعي أنه انتصر واذا ضاقت به الأمور فإنه يعزو الأمر الى تآمر الباقين عليه وعدم دعمه في اللعب، هي هي، لعبة الورق والحروب العربية لا فرق بينهما سوى أنه في لعبة الورق لا نخسر أرضا وهناك خسرنا اراض وشعوب وكرامات.
مبروك للمشاركين في مؤتمر نواكشط وعقبال عند المؤتمر الجاي... إن بقي هناك عرب!