كثيرة هي المقالات والتحليلات التي كتبت وستكتب عن المحاولة الإنقلابية في تركيا ، ولا شك أن الخلفيات السياسية والفكرية – والإتجاهات – والعلاقات – وجزء من المصالح الحاضرة والمستقبلية – والغيرة أحياناً من مفهوم العلاقة بين الشعب والحكومة – والحرص الحقيقي على الديمقراطية كأفضل نتاج توافقي سياسي في مراحل نمو الدولة وإستقرارها – كل هذه المقولات وغيرها تؤثر في إسلوب تناول هذا الموضوع من جوانبه المختلفة .
ما يهمني في هذا المقال ليس تمجيد شخص وإنما الإشارة الى ظاهرة – كيف يمكن لعمق الإستجابة الشعبية لنداء رئيس – حماية مسيرة وإنتماء وطن – وتناسٍ للخلافات الفكرية والسياسية ، الشعب هو من أفشل الإنقلاب ، مناظر الناس خلال دقائق وهم يملئون الشوارع – وبعضهم يفترش الأرض أمام الدبابات لمنعها من مواصلة مهمتها ، العلم التركي هو الذي يرفرف فوق الجميع – لا أعلام للأحزاب والمنظمات لأن الوطن فوق الجميع – قيادات حزب العدالة الذين تنحّوا عن السلطة لم يجدوها فرصة للتنفيس عن شيئ ، كما يفعل السياسيون في البلاد العربية ، قوة الحزب وتلاحمه درس للأحزاب العربية وتجذير وجودها في المجتمع .
شاء من شاء وأبى من أبى – العمق الإسلامي كان واضحاً في صلاة الفجر في مساجد تركيا كأنها صلاة جمعة – لا شك أن للإسلام دوره المحوري في الحركة دون إغفال لحركة الآخرين وبغض النظر عن خلفياتهم السياسية ، شعار حماية الديمقراطية طغى على شعار حماية العلمانية – وهو تحول جديد في أدبيات الأحزاب والجيش .
السؤال الكبير من المستفيد من هذا الإنقلاب ( الشهوة للسلطة والحكم ) ، لا شك أنه محرك أساس ، ولكن هل يمكن للإستخبارات الأجنبية والتي تراقب ( طلب زوجة حزمة بقدونس ) من زوجها على ( الواتس أب ) ليس لديها علم بذلك – الأمريكان والروس والقاعدةالأمريكية في تركيا تخشى من استدعاء التاريخ في علاقات الدول بتركيا – تركيا ذات التوجه الجديد الإستحياء في الموقف عند الكثيرين – حتى يتبينوا النتيجة ويتخذوا موقفهم – ومسارعة البعض الى التأييد وخاصة في العالم العربي – والذي أسمت بعض وسائل إعلام ما حدث بأنه ثورة وليس إنقلاباً – والتشفّي الذي حدث تصفية لحسابات ومواقف ، كل هذا لا يصب مستقبلاً في مصلحة الإقليم لوضع الإنقلاب ، الخطر سيكون أكبر على المنطقة برمتها .
ما يمكن قوله أيضاً أن لا تكون هناك مبالغة في التصفيات والإتهامات وفرصة للتخلص من الكل سواء شاركوا أو لم يشاركوا لأن ذلك له أثره الكبير على جيش بحجم الجيش التركي وهو يواجه المشكلة الكردية والتنظيمات الإرهابية ولا يضعف قدرته على المواجهة .
الشعب العربي – ومن خلال ما نلمسه من مواقع التواصل الإجتماعي – في الأغلب –بإستثناء بعض النخب اليسارية والدكتاتورية والتي لا تريد أن ترى نموذجاً شعبياً للقيادة – هي مع شرعية النظام – وعدم الإنقلاب على السلطة المنتخبة وأن تكون صناديق الإقتراع هي الفيصل وليس أزيز الطائرات وفوهات المدافع .
Email: drfaiez@hotmail.com