الإسلام والعلمانية .. ثنائية القهر
عمر كلاب
20-07-2016 12:59 AM
بعيدا عن التراشق بالاتهامات والاستعلاء من جهة والتكفير من جهة أخرى، وبعيدا عن التفكير النمطي والاقصائي، هل من ارضية مشتركة حول أسس الحياة المدنية والديمقراطية؟ هل من ارضية لقبول الآخر بعيدا عن علمانية دكتاتورية استبدادية وبعيدا عن اسلام جهادي اكراهي؟
تلك اسئلة حرجة يطرحها الدكتور عمر الرزاز ويطرحها معه كثيرون بعد ان انفلت عقال العقل ودخل في قمقم التكفير او الاقصاء وكأن الثنائية في الفكر العربي قدر لا مناص منه في ظل غياب سبل لخروج من الازمة الوجودية التي تعيشها اوطاننا، بالضرورة ليس هناك حل سحري، وانما توافقات صعبة على الجميع، مسؤوليتنا المشتركة كمجتمع يرفض الانزلاق نحو الهاوية، ان نسعى نحوهذه التوافقات وتقديم التنازلات الصعبة .
المسؤولية المجتمعية تبدو في هذه اللحظة من الازمة طوق نجاة، وهي لا تقتصر على المسؤولية المالية كما النمط السائد في عقول شركات وصنّاع قرار، بل هي اشمل من ذلك، فحسب السلوك الغربي الذي انتج مصطلح المسؤولية الاجتماعية هي شكل من اشكال السلوك البشري مدعوم ماليا وثقافيا، تحولت معه المسؤولية الاجتماعية الى نمط حياة، من طالب المدرسة الى كبريات الشركات مرورا بطلبة الجامعات التي تعتمد علامة نجاحهم في المواد الاكاديمية على الساعات التي قضاها الطالب في خدمة مجتمعه، ونحن في البداية نرى ان نبدأ من نشر ثقافة المسؤولية المجتمعية وتعزيزها وسط مجتمع اردني تدّعي كل مكوناته حرصها على المجتمع وسلامته وأمنه وتسعى بفردية الى نشر ثقافة التسامح وقبول الآخر ومعظمها للاسف يسقط في اول اختبار جمعي .
الدعوة الى تعزيز منهج المسؤولية المجتمعية يعني اجراء مصالحة قسرية بين المكونات فتكون القسرية بمعناها الواضح جزءا من منظومة التشريعات والقوانين النافذة التي تفرض قيام كل فرد ومؤسسة بدوره في خدمة المجتمع يرافقها منهج تثقيفي وتوعوي بضرورة هذا السلوك أما الاكتفاء بالدور الوعظي دون الحماية القانونية فهو ضرب خيال او ابراء لذمة الدولة واجهزتها والاكتفاء بما تجود به صناديق وجيوب وعقول الداعمين فيأخذ الناتج شكل الصدقة او الحَسنة وكثيرا ما يأخذ شكل الاستاذية في الجوانب السياسية؛ ما ينعكس سلبا على المتلقي ويعزز ثقافة القهر والدونية داخله، فالمسؤولية الاجتماعية قرار تتخذه الدولة، يلتزم به الجميع احزابا ونقابات وتيارات مدنية وقبل كل ذلك تلتزم به الدولة في السلوك الاجرائي الذي يقتضي مكاشفة الناس بكل شيء من اول قرش تأخذه على شكل ضريبة الى اضيق اجتماع بين مسؤولين .
ما يجري اليوم من تراشق واحتراب بين علمانية تلبس ثوب الاستبداد وتدينٌ اكراهي، يكشف مدى الحاجة الى تعميق مفهوم المسؤولية المجتمعية، فيصبح المواطن حارسا على ثقافة المجتمع وأمنه وليس مُخبرا، ويحمي قيم المجتمع وتنوعه الفكري والثقافي والسياسي بوصف التنوع جزءا من ثقافته وتفكيره ووعيه وعامل امن لمستقبله وحياته، فحجم الصحراء المقفرة جوانيّة كل فرد منا تقوده الى التوحش سواء انتمى الى الفكر العلماني او الى الفكر الديني او حتى الى القبيلة والحي والمدرسة والحزب، فكل ما ننتمي اليه كافراد هو الحق وما دونه باطل وكل ما نقوله صحيح سواء كان من بنات افكارنا او سمعناه من شيخنا او من دكتورنا او من مسؤولنا الحزبي او من شيخ القبيلة وحتى لو سمعناه من مختار الحي او الحارة، البقاء في دائرة الاصطفاف بين هذا وذاك سيكرس الانفجار ويوفر له كل موجبات النجاح وسيخلق سلوكا متوحشا في التغيير عماده الانقلابات او الحسم الدموي، وقد رأينا كيف اغوانا الانقلاب نفيا او تأييدا ورأينا كيف صفقنا للحسم الدموي في محيطنا؛ ما يعني ان لدينا جينات القبول لهذا المنهج .
الدستور