هل نستطيع ان نستقي الدروس والعبر مما حدث في تركيا وهل نعرف كيف تكون سياسة الدول الكبرى وهي تنظر دائما لمصالحها على حساب الوعود والعهود والمواثيق والتعهدات والحماية وغيرها؟
هل نستطيع ان نستقي العبر بان الشعب اذا اراد فلا بد ان يستجيب القدر ونعي ان الشعب الذي يصنع الاراده هو الشعب الذي يقف امام الدبابات ويحارب الجبروت والقوة ويتحدى الموت مقابل موقف انتماء ووفاء وعقيدة.
فلم تكن الدبابات ولا الطائرات المؤججة ولا الجنود المدججة بالسلاح بقادرة على كسر ارادة شعب آمن بالديمقراطية وتذوق طعمها وعايش مكاسبها فخرج ليدافع عنها ويقوض اعداءها غير آبه بهذا العدو وغير مكترث بطبيعته, مواطن يحمل العلم التركي لا صورة ولا اعلام الاحزاب التي ينتمي ايها ولا شعاراتها بل يحمل علم بلاده التي هي هدفه ومقصده وغايته على اعتبار ان الاحزاب والشخصيات ادوات بمثل ما اتت تذهب وياتي غيرها والباقي هو الوطن , ولهذا وقف الاتراك وبمجرد صيحة ونداء, من زعيم هددت حياته من حكم العسكر ومن اصحاب المنافع و الغايات والمصالح لنجده يعظم الوطن ويدافع عن مكتسباته وفي مقدمتها الديمقراطية التي حولت تركيامن دولة مدينة قابعة بالتخلف الاقتصادي والسياسي والاجتماعي الى دولة قوية تصدر وتورد وتحمل قضايا الامة وتقف ندا امام اعتدى دول العالم وترسم لنفسها رقما صعبا اقل ما نقول عنه هو الاشارة بالبنان.
ان ما جرى بتركيا ليس قضية مجموعة عسكرية تحاول الانقلاب على زعيم حزب بل امتحان لارادة شعب, فالمنقلبون لم يدركوا ان الفيصل دائما هو الشعب وان اي تغيير سياسي او اجتماعي او اقتصادي يحتاج الى قواعد شعبية واي محاولات تغيير بدون قواعد شعبية بناء بدون اساس سرعان ما ينهار وان المدفع والدبابة يمكن ان تطأ جماجم البعض من الشعب ولكنها لا تستطيع ان تعدم كل الشعب.
المنطقة كانت بامس الحاجة لمثل هذا الحدث الذي صعق الادمغة النائمة, وبين للقاصي والداني باننا جميعا دمى بيد من يريد منا ولا يعطينا . بينت مدى المؤامرة عندما تحاك, وتغيير الضمائر والافئدة لتحقيق المطامع والمكاسب فلا امان لسياسة دولة كبرى ولا ضمان بالوعود والضمانات التي يقدموها فالننظر الى مصر وبالامس في تركياه و وبالذات في قاعدة اندرلخت التي كانت اول مشاهد المؤامرة وهي القاعدة التي بسطت امريكيا نفوذها بها على المنطقةكهدية من تركيا فسبحان الله كيف تحول الموقف وخلال ساعة مابين اعلان كيري في مؤتمره مع سيرجي كما يناديه في موسكو وبين تصريحات اوباما الساعة الواحد وخمسة واربعين دقيقة حول دعمة للديمقراطية والشرعية . وكيف تداعت بعدها الانظمةالعالمية الاروبية بالدعوة للشرعية التركيه بعد ان اطبق عليها الفرح لمدة ساعة من بداية حركة الانقلاب.
اي انقلاب مهما كبر فاشل بدون قاعدة شعبية واي انقلاب مهما صغر ناجح بارادة شعبية , فالناس هم الاساس في نظام اي حكم وقد عول اردغان على الناس للوقوف امام هذه المحاولة وهو مقتنع تماما بان الناس الذي وقف معهم طوال العمر وجعل من تركيا دولة لا يستطيع اي تركي نكرانه من الرفاه والنمو والتطور والوجود والكرامة والدور وهي قواعد راسخة يؤمن بها المواطن التركي على مدار 19 سنة من عمر حزب الرفاه والعدالة .
نعم هناك اخطأء ارتكبها اردوغان اقليمية وتكتيكية واقتصادية لكن الرصيد لديه كبير لان الوطن دائما يبقى اكبر !!!
المرحلة القبلة هي اعادة النظر بالسياسة الخارجية والسعي نحو مفهوم (زيرو مشاكل) والتركيز على الثوابت التركية التي طالما ميز الاتراك . بنفس الوقت اعادة النظر بطبيعة العلالقات الخارجية , وعدم التدخل بشؤون الغير ولكن مع المحافظة على المصالح العليا للدولة التي ستشهد تغييرات داخلية لن تصل الى حد الاعدام التي يلوح لها النظام السياسي بقوة والسبب متعلق بارتباطات تركيا مع الاتحا الاروبي ولكن التخلص من الخصوم مثيري الشغب سيكون اولوية لا يمكن ان يتنازل اردوغان عنها خاصة وانها اؤيدت الان براي الناس ومطالبهم .
فهذا الحدث يمكن ان يكون نافعا للبدء بالعد التنازلي لحل القضية السورية والعراقية وقضية الارهاب في المنطقة , وهي قضايا اتفق الجميع عليها رغم تلون القلوب واختلاف الضمائر . فتحت الاوراق وانكشفت السطور , وجاء الدور لتبييض الوجوه .
اما نحن كامة عربية فاعتقد ان هذه التجربة مدعات لان يتبصرها كل فرد فينا مهماكانت مرتبته ودرجته و وكفى بالقيادات العربية بعزقة المليارات على حروب لم يستفد منها غير صانع السلاح والمتربص بالامة ومقاومة الشعوب والمرتزقة الذي وجوا من هذه المنطقة ملجا مدرا للمال بعدما رفضتهم الارض والسماء , آن الاون للقيادات العربية ان تتصالح مع شعوبها وتعمل على رفاهها , فرضاء الناس هو الواقي الحقيقي والامن الاوحد الذي يحمي الانظمة وليس اساطيل الغرب والشرق. وهو درس بالوطنية التي جمعت المؤيد لاردوغان ومعارضه والمشجع لسياسات النظام او المعترض عليها , فنحن جميعا شاهدنا كيف اتحد البرلمان التركي باحزابه الرئيسية والمعارضة الكبيرة والصغيره في الدفاع عن ديمقراطية الحياة السياسية في تركيا ورفض حكم العسكر معلنين نهاية حقبة استمرت منذ عهد اتاتورك لعب بها الجيش دور الموازي للنظام السياسي.