انقلاب على اردوغان أم له ؟
رجا طلب
18-07-2016 11:49 AM
ستبقى علامات استفهام كبيرة تطارد « الانقلاب المفترض « ضد اردوغان وحزبه الذي بدا مساء الجمعة وانتهي في ساعات الفجر الأولى ليوم السبت بصورة محيرة أشبه ما تكون بالأفلام الهندية المليئة بالضجيج والفاقدة للواقعية.
الانقلاب بدا بخبر وانتهى بخبر ، انقلاب خلا إلى حد كبير من الصورة والصوت ، لم نسمع خلاله البيان رقم « واحد « الذي يتلوه زعيم الانقلابيين أو من يمثلهم والذي عادة يذاع من المحطة الرسمية أو المحطة الأكبر في البلد ويتضمن مبررات الانقلاب ودوافعه وأجندة الانقلابيين داخليا وخارجيا ، أما في انقلاب الساعات المعدودات غابت أي علامات لسيطرة الانقلابيين على أي مرفق حيوي كان قادرا على تغيير مجرى الأحداث بصورة دراماتيكية كما لم نر أية صور أو فيديوهات لمثل هذه السيطرة ، والاهم انه في ذروة « الانقلاب المفترض « يغيب الرئيس اردوغان لعدة ساعات في مكان مجهول ثم يعود عبر رسالة عبر تطبيق « فيس تايم « بالصوت والصورة ليدعو الأتراك للنزول للشارع لوقف حركة الانقلابيين الذين لم يسيطروا ولا على أي ميدان أو ساحة أو شارع رئيسي في أي من أنقرة أو اسطنبول ، والذين رأيناهم يستجيبون وبصورة وادعة وحضارية ومسالمة للمتظاهرين في سلوك مناقض بالمطلق لمن يريد السلطة أو السيطرة عليها !!!
هناك نظريات افتراضية عديدة بشان « انقلاب الساعات التركي « ، لكن الأهم من الحدث ومن يقف وراءه وهل هو حقيقي أم سيناريو مدروس ومفتعل من قبل استخبارات الجيش وقائده لخدمة اردوغان ، علينا استقراء نتائج هذا الفعل ولمصلحة من يصب في النهاية ؟
من ابرز نتائج هذا العمل ما يلي :
أولا: إعادة إنتاج اردوغان شخصيا بصورة البطل القومي لتركيا ، وهي الصورة التي أخذت تتهاوى في نظر الشارع التركي بعد اعتذاره المذل لبوتين على اسقاط الطائرة الروسية وتحميله الجيش التركي المسؤولية في تبرير معيب يفصل بين رئيس الدولة ومؤسسته العسكرية ، وذلك بعد عشرة شهور من رفضه الاعتذار ، وإذعانه للشروط الإسرائيلية بشان تطبيع العلاقات وبخاصة بعد أن رمى غزة وحماس وراء ظهره وأبدى استعدادا كبيرا للتعاون الأمني والاستخباري مع « العدو الإسرائيلي المفترض «.
ثانيا: جملة الخطوات الانتقامية التي قام بها اردوغان تجاه الجيش والسلك القضائي وبمبرر الخلاص من أعدائه الانقلابيين من جماعة فتح الله غولن ، أحكمت سيطرته التامة والمطلقة على الدولة التركية واجهزت على ما تبقى من الديمقراطية في تركيا ، حيث انتهي المبدأ الأول في تلك الديمقراطية الا وهو الفصل بين السلطات ، فاردوغان بات عمليا يحكم سيطرته على الحكومة و الجيش والبرلمان والسلطة القضائية وهي حالة تنذر بظهور ديكتاتورية من نوع جديد في عالم الالفية الثانية ، انها ديكتاتورية « زعيم الصندوق الانتخابي « والتي سبق لها أن اوصلت هتلر للحكم ولكن بظروف مختلفة.
ثالثا: « انقلاب الساعات المفترض « مكن اردوغان من القضاء التام سياسيا ومعنويا وقانونيا على فتح الله غولن ووفر له المبرر القانوني للمطالبة به من اميركا وهذا ما عبر عنه بوضوح يوم السبت الماضي في « خطاب النصر « الذي القاه في احدى ساحات اسطنبول.
رابعا: مكن الانقلاب المفترض اردوغان من توجيه اتهامات لاميركا ولعدة دول لم يسمها في « خطاب النصر « باعتباره مستهدفاً وهو امر سيعمل على زيادة شعبيته وتعزيز « شرعيته « كزعيم يوازي « اتاتورك « بنسخة جديدة.
.... الانقلاب المفترض لا يبدو باي حسابات منطقية هو انقلاب على اردوغان ، بل بالمنطق هو انقلاب لصالح اردوغان بكل المقاييس.
Rajatalab5@gmail.com
الراي.