أدوات الإرهاب متجددة فماذا عن المواجهة ؟
عمر كلاب
16-07-2016 03:24 AM
سواء كانت دوافع العمل الاجرامي في مدينة نيس الفرنسية ارهابية او تعبير عن احتقان نفسي للمجرمين، فنحن امام ظاهرة انتقامية جديدة تستخدم ادوات بسيطة ومتوافرة امام كل راغب بالانتقام من المجتمع او السلطة او العشيرة او العائلة، فكل موجبات الثأر من الذات متوفرة سواء كانت الذات الجَمعية او الأنا الفردية، فحركة تطور المجتمعات والادوات المستخدمة والبيئة التكنولوجية المفتوحة ايقظت الوحش النائم في دواخل الذات البشرية لتكشف اسوأ واقبح ما فيها، فالشاحنة صارت اداة ارهاب وعود الكبريت ايضا وولاعة السجائر، فهذه البساطة في الادوات وسهولة امتلاكها والحصول عليها تُغري النفس المتوحشة بالانتقام وتغري بالاكثر اصحاب الفكر الشاذ السائرين في اصقاع الكون بلا ضوابط ومشحونون بكل موجبات الحقد على المجتمعات والسلطات .
نيس المدينة التي تجذب سياح الكون واثريائه كانت تحت ضربة موجعة قادها ارهاب الادوات البسيطة والمنتشرة، بعد انتهاء كل اشكال التأهب الامني إثر انتهاء بطولة أمم اوروبا لكرة القدم واستشعار السلطات الفرنسية بالنجاح والاسترخاء بعد مرور البطولة بسلام، فجاءت العملية القبيحة لتطعن هذا النجاح والاسترخاء في مقتل، ولتكشف بأن ادوات المواجهة مع هذا الارهاب ما زالت قاصرة عن مواكبة المتغيرات والتطورات، وللتذكير فإن بساطة الادوات المستخدمة تحوز على النجاح في مواجهة الاجهزة الرسمية المنظمة واسلحتها وجيوشها، نجاح لا يُفضي الى نصر ولكنه قادر على تحقيق الايذاء المطلوب للخصم، فقصة نجاح فيتنام هي بساطة الادوات المستخدمة في مواجهى ارقى تعقيدات الة القمع الامريكية، وحادثة سبتمبر كانت بادوات بسيطة ونيس كانت على نفس المسار .
انتشار ظاهرة الذئاب المنفردة التابعة للمنظمات الارهابية والذئاب الفالتة دون تنظيم يملكون ادوات بسيطة وسهلة للانتقام من المجتمع وسط مواجهة ادوات معقدة قاصرة عن اكتشاف جهة واتجاه الموت الذي لا ترصده اجهزة كشف المتفجرات والاسلحة ما يعني ضرورة تطوير وتحديث الادوات الانسانية لمواجهة حالة اليأس والاحباط لتجفيف موارد الذئاب ولتخفيف ظاهرة الانسان الذئب ومعالجة ذئبيته التي تنتعش بغياب العدالة والمواطنة وقيمها، فالعالم سار نحو التوحش بسرعة ودون وقار ما افرز توحشا داخل نفوس الافراد ومنح هذه النفوس فرصة الانتقام بعد مراكمة التوحش ومعالجة ظواهره واعراضه بمزيد من التوحش التقني والسياسي وكأن المعركة لها ساحة واحدة وليست معركة ذات ساحات متعددة تنجح كل ساحة في انتاج ادواتها واسلحتها ومقاتليها، فتارة المقاتل مغسول الدماغ بخلفية دينية وتارة اسود حاقد على السلطة البيضاء وتارة مواطن مظلوم بمواطنته .
مواجهة الارهاب بكل صوره واشكاله وعلى كل الساحات واجب الجميع واولهم الاجهزة الرسمية التي عليها ان تُعلي قيمة الانسان وتمنحه العدالة بصرف النظر عن القدرة فالكل يقبل بالعدالة والانصاف فالاوضاع الصعبة هي التي تحتاج الى التماسك والعدالة والنزاهة والمكاشفة الصادقة هي صمغ التماسك الوطني فهي الخطوة الوحيدة القادرة على مواجهة الارهاب بكل صوره واشكاله واسلحته .
الدستور