مشكلة البطالة في الأردن كانت دائماً تحت الضوء ، وجاهزة للبحث والتحليل والاجتهادات المختلفة ، وأحياناً أداة للنقد والتجريح سواء للحكومة أو للقطاع الخاص. وتعود البطالة هذه الأيام إلى الواجهة بعد أن سجلت نسبة البطالة في الربع الاول من هذه السنة 6ر14% ، وهو أعلى رقم تصل إليه الأرقام الرسمية للبطالة منذ ثماني سنوات. ولا يشمل العاطلين الذين توقفوا عن البحث عن عمل بعد أن يئسوا ، وهم يشكلون 4% من القوى العاملة ، مما يرفع نسبة البطالة الكاملة إلى 6ر18%.
باب الحكومة كمصدر للتوظيف أصبح مغلقاً ، ذلك أن أكثر من 40% من القوى العاملة الاردنية تعمل في اجهزة الدولة بعضها بدون لزوم ، والمطلوب تخفيض هذه النسبة باتجاه حكومة أصغر حجماً وأكثر كفاءة وفعالية ، أو حكومة رشيقة.
القطاع الخاص كمصدر للتوظيف لم يقصر وليس ملاماً ، فقد خلق من فرص العمل ما يعادل 150% ممن هم في سن العمل ويرغبون في الحصول على عمل وما زال يولد عشرات الآلاف من فرص العمل الجديدة سنوياً حتى في ظل الركود الاقتصادي الراهن.
إذا كان عدد فرص العمل التي تشغلها العمالة الوافدة يزيد عن خمسة أمثال عدد الأردنيين العاطلين عن العمل ، فلا يجوز أن نظل نقرع أبواب القطاع الخاص ونتهمه بالفشل في خلق فرص العمل ، ونقرع أبواب الحكومة ونحملها مسؤولية ارتفاع نسبة البطالة دون أن نقدم لها الحل.
الاقتصاد الاردني يوفر عملاً لحوالي ثلاثة أرباع مليون عامل مصري ، وربع مليون عامل سوري ، وُعشر مليون عامل وعاملة من إفريقيا والشرق الاقصى ، مع أن المفروض أن للأردني اولوية العمل في كل منها.
المشكلة أن الأردني العاطل عن العمل متعلم ، ولا يقبل الأعمال التي يقبلها المصريون والسوريون وغيرهم ، ويختار البطالة بانتظار أن تتاح له فرصة وظيفة (محترمة) في أجهزة الحكومة المدنية ، ومن هنا تتراكم عشرات الآلاف من طلبات التوظيف لدى ديوان الخدمة المدنية ، وكلهم ينتظر دوره الذي قد لا يأتي.
وزارة العمل لا تستطيع أن تخلق فرص عمل ، ولكنها تستطيع تنظيم الأولويات وفي هذا المجال فإن فرص العمل أمام العامل الأردني ليست وجود شواغر هنا وهناك ، بل أيضاً وجود وظائف يشغلها وافدون إذا كانت مقبولة للأردني الباحث عن العمل.
جميل أن يظل الأردن مفتوحاً للعمالة العربية كما أن بلداناً عربية مفتوحة للعمالة الأردنية ، على أن تكون الأولوية في جميع الحالات للعامل المحلي.
هناك إمكانية لإحلال العمالة الاردنية محل جانب من العمالة الوافدة ، بدليل نجاح الإحلال في مجال عمال النظافة عند توفر شروط معينة.