الإدمان هو تعلق الإنسان بشيء أو مادة، وعدم استطاعته الابتعاد عنها أو الإقلاع عن تناولها، وعادةً تكون مادة للأكل أو الشرب أو الاستنشاق، وهذا يشمل تناول أنواع معينة من العقاقير الطبية أو شرب المواد الكحولية أو استنشاق التبغ أو روائح أخرى وتناول أنواع متعددة من المخدرات.
ويؤدي الإدمان إلى التعلق الجسمي والنفسي بهذه المواد مما يؤدي إلى الحد من حرية الإنسان وانزوائه وحدوث تغيُّر في شخصيته، أما المضار الجسمانية فهي كثيرة جداً ولا يمكن حصرها لكن سنتطرق في هذا المقال لبعضها.
إنه لمن المعروف بأن مواد الإدمان تُحدِث أمراض متعددة فهي السبب الرئيسي في قصر عمر المدمنين مقارنةً مع افراد المجتمع الآخرين، فأعمار مدمني الكحول تتراوح بين 10-15 سنة أقل من أعمار الأفراد غير المدمنين، أما بالنسبة لأعمار المدخنين تكون 10 سنوات أقل من أعمار العامة، لذا فإنه لمن الضروري توجيه وتوعية المجتمع بأن ممارسة التدخين وتعاطي الكحول ليست سبل رفاهية ومزاجية وربما رجولية وتحرر بل هي أمراض حقيقة تصيب الناس وتحتاج إلى رعاية طبية حثيثة .
يموت يومياً آلاف بل مئات الآلاف من الناس بسبب المضاعفات الناتجة عن تناول الكحول، فمنذ آلاف السنين يتناول الناس الكحول والتي تؤدي إلى تأثير على مراكز دماغية لها علاقة بالمكافئة والمتعة ونسيان الواقع، ومن المتعارف عليه بأن تناول القليل منها من الناحية الطبية لغايات العلاج ليس له مضاعفات كثيرة، ولكن الإكثار منها يؤدي إلى مضاعفات صحية، والتعلق بها والإفراط في تناولها يصل إلى مرحلة الإدمان، كما ان تأثيرها المجتمعي له أهمية كبيرة فمتناوليها يعزلون أنفسهم عن المجتمع، مما يؤدي إلى الانزواء وربما إلى الدخول في دوامة مالية تدفعهم إلى ارتكاب الجرائم للحصول على المال اللازم لتوفيرها، وهي تؤدي إلى الإصابة بأمراض كثيرة يزيد عددها عن 30 مرضاً، كأمراض الدماغ ( الصرع، النسيان، الجلطات الدماغية ) والالتهابات وربما السرطانات في المريء والرئة وأمراض القلب والمعدة وتشمع الكبد والتهابات البنكرياس وأمراض الكلى والجلد والعظام والأوردة والشرايين، ونسبة إصابة الرجال بهذه الأمراض أكثر من النساء .
ومن جانبٍ آخر فإن من أفضل طرق التخلص من هذا الوضع الصعب هو الابتعاد عنها، وهناك عدة طرق تبدأ بالعلاج النفسي والذي يَنصح في بعض الأحيان في الإقلاع المباشر والسريع عنها، ولكن طرق العلاج الحديثة تنصح باتباع طرق الابتعاد التدريجي، وفي بعض الأحيان يكون العلاج السريري ضرورياً في أحد المصحات، وتساعد هذه الطرق حوالي 60% من الناس في علاج الإدمان على الكحول، وفي بعض الأحيان تُستَخدم عقاقير مثل (Nalfemen) والتي تؤثر على الدماغ وتؤدي إلى الشعور بالإشباع من المواد الكحولية.
أما بالنسبة لمسألة التدخين فهي الأكثر خطورة وذلك لأن أعداد المدخنين عالية جداً وفي تزايد مستمر وخاصة بين الشباب، والإدمان على التدخين لا يوجد له أبعاد مجتمعية سلبية كما هو الحال في تعاطي الكحول والمخدرات، فهو ظاهرة عامة مقبولة في المجتمع على الرغم من قيام بعض الدول باتخاذ بعض التدابير الصارمة أمام المدخنين خلال 10 سنوات الماضية، كما وتُقَدر المصاريف المترتبة على التدخين وعلاج الأمراض الناتجة عنه بمئات المليارات سنوياً .
فتناول التبغ لا يعتبر مرضاً من النظرة الطبية بل يعتبر تناول مواد سامة، كما ان تأثيراته الجسمية على الناس تبدأ في أمراض العيون، والتهاب الفم واللثة وحدوث سرطانات بها وفي الرئة والمعدة والبنكرياس والكلى والمثانة، إضافة إلى أمراض القلب والشرايين والعظام والجلد والضعف الجنسي .
إن الإقلاع عن التدخين لا يكون متأخراً ابداً وعادةً ما يكون القرار في الإقلاع فردي ودون عناية طبية، وقد يترتب على ذلك بعض المضاعفات النفسية، وعدم المقدرة على النوم في البداية، ولكن هذه الأعراض تزول سريعاً، وهناك أدوية وعقاقير تستخدم لهذه الغاية مثل فارينيكلين (Varenicline) والبوبروبيون (Bupropion) تساعد على الإقلاع عن التدخين وهنا يُنصح بالابتعاد المفاجئ وليس التدريجي .
أما الإدمان على تناول العقاقير فهو عادةً يكون إدماناً على المواد المهدئة والمساعدة على النوم، وأغلب الناس لا يدركون إدمانهم على هذه العقاقير، وذلك يعود إلى تناولهم لها مدة طويلة في حياتهم، ولكن الإدمان على تناولها سهل وسريع، كما ان نسبة إصابة النساء أكثر من الرجال وخاصة في أعمار متأخرة .
إن الإدمان على هذه العقاقير يؤدي إلى عدم الشعور بالراحة النفسية والشعور بالخوف وعدم المقدرة على النوم، مما يترتب عليه عدم التركيز والانتباه، والابتعاد عن هذه العقاقير يكون من الناحية العلاجية تدريجي، أما الإدمان على المخدرات فسوف نتطرق له في مقال منفصل لاحقاً .