زمان لم يكن لدينا خوف , بمعنى أنك تعيش العمر كما يجب ...تغير المشهد الان تماما , فأنت تذهب للطبيب وثمة خوف في داخلك ..وهو يمسح بطنك بجهاز (السونار) ..خوفا من مرض ما ...قد يداهمك على غفلة من العمر .
وحتى حين تضع , بطاقة الصراف الالي في الجهاز وتنظر لرصيدك وقبل أن تظهر لك الشاشة حجم ما تبقى من الراتب , تشعر بالخوف من أنك أنفقت أكثر مما يجب ..
وحين تذهب للكرك تمر على مواقع في الطريق , شهدت حوادث قاتلة لأحباء وأصدقاء وأقارب , وتخاف من أن تمر بنفس التجربة ..
خوف من أن , تقول لسائق التكسي حين يزاحمك على الدوار :- إنتبه ..فأنت لا تعرفه وهو لايعرفك والعمر اضناه وشقاء العيش يستفز كل شيء فيه , وتخاف من أن تكون ردة فعله غير متوقعة , وتخاف من نفسك ...حتى (زامور) السيارة لا تطلقه .
وخوف يداهمك , حين يقبل عليكم في المقهى رجل كثيف اللحية ويرتدي معطفا وتسأل نفسك في لجة قلقك . هل يخفي تحت المعطف شيئا ؟ ...ربما حزاما ناسفا وتبدأ بالتفكير في الأمر , ثم تكتشف أنه الرجل الذي جاء يبدل عبوات الماء الفارغ ...ويبدو أن (داعش) صارت تطاردك حتى في المقهى .
وتخاف أيضا , من المصعد الذي ينقلك لمنزلك , فأنت قبل يومين قرأت في موقع إخباري عن مصعد سقط في في منطقة الاستقلال , وكان بداخله مجموعة من الناس وتوفي شاب على الفور نتيجة الإرتطام , وتنتظر أن يبلغ المصعد الطابق الثالث ..وحين يفتح الباب , تحمد الله أنه لم يسقط .
وتخاف من هاتف يأتيك بدون رقم , وتقول في داخلك :- ربما بلاغ من الشرطة , ربما قضية مطبوعات جديدة , ربما تهديدا ..وحين ترد تكتشف أنه (سلامة) ..وسلامة سائق بكم قام بنقل , عفش لك ..وحتى يؤكد حجم أمانته , يخبرك بأنك نسيت في (البكم) مخدة كانت ملحقة مع العفش ...سلامة على ما يبدو مبهم في حياته ويحب أن يكون رقمه مبهما بحكم الأهمية .
لماذا صار الخوف يلاحقنا , حتى في حروف المقال وورق الجريدة , حتى في الخبر العاجل وفنجان القهوة ..حتى العيون وارتعاشة الشفاه .
الراي