التيار الوطني .. كتلة نيابية حاسمة!
بشرى الرزي الزعبي
22-08-2008 03:00 AM
تمخض الحراك السياسي الذي قادته الدولة الاردنية بهدف تشكيل احزاب سياسية الى استقطاب لعدة شخصيات عامة طامحة في تعزيز وجودها على الساحة العامة وطامعة في الدعم المالي المغري الذي بات في حكم المؤكد ان يدرج على موازنة السنة المقبلة ويناهز الخمسة مليون دينار ستصرف لاحزاب دون غيرها وبحد ادنى من الرقابة كما هي الحال في بدايات التجربة.
وجاء قرب ولادة التيار الوطني بزخم واضح، مختصرا زمنيا طويلا وهاما عادة ما يتطلبه تشكيل الاحزاب بالطرق الطبيعية من حيث البدء بالقواعد الشعبية وارساء مبادىء عامة للحزب ونظريات وايدولوجية تحتاج لكثير من الوقت ومن التجربة والتعديل لاستقطاب منتسبين متناغمين ايدولوجيا بحيث يختار الحزب من بينهم من سيخوض بهم الانتخابات البرلمانية او البلدية او النقابات او الجمعيات الطلابية ويؤمن لهم الدعم الشعبي واللوجستي مبلورا بذلك حجمه في الحياة العامة الذي سيمكنه من المطالبة باستحقاقاته بإدرة الحياة السياسية والمدنية واسماع كلمته.
الا ان التيار الوطني اختصر ذلك كله وجاء بكتلة برلمانية هائلة تناهز ال 62 نائبا وعدد من رؤساء بلديات كبرى واعضاء من مجلس امانة عمان ،وتوج اختصاره ( أو كان سببا لهذا الاختصار ) تزعم رئيس البرلمان لهذه الكتلة وانضواء وزير التنمية السياسية لتشكيلة التيار حيث يعتبر نفسه من المنظرين لتأسيسه وهو ما يعتبر سابقة في تشكيل الاحزاب السياسية ، الا ان هذا غير مستغرب فقد تعودنا كثيرا من الاجراءات التي تمس الحياة العامة في بلدنا تتم على هذه الشاكلة وعلى نظام ( الفزعة ) الذي اصبحنا نتميز به .
والسؤال الاهم يبقى اذا ما كتب لهذا التيار ان يتبلور وينتقل من المرحلة النظرية الى ارض الواقع بكامل اعضاءه او بالاغلبية منهم هو كيف سيكون اثره على الحياة السياسية في الاردن؟
فتيار أو ( حزب ) بهذا العدد من النواب ورجالات الصف الاول وبعد ان يستأثر بالحصة الاكبر من الدعم المالي المخصص للاحزاب لا بد ان يصبح رقما صعبا امام الحكومات القادمة ولا بد لها ان تأخذه على محمل الجد بل لا بد لتلك الحكومات ان تتشاور معه وتنسق مع زعاماته قبل تشكيلها لتضم ضمن قائمتها عددا مرضيا من منتسبيها عند طلبها للثقة تحت قبة البرلمان وكأنا به سيصبح "المايسترو" في الحراك السياسي الاردني وسيمتد نفوذه ليتجاوز شكل الحكومات الى شكل مؤسسات الدولة وحتى الى السياسات الخارجية والتحالفات .
يبقى الامل بالشخصية القيادية خلف هذا التيار الرئيس عبدالهادي المجالي الذي خبر الحياة العامة بالاردن عبر السنوت الطويلة ويشهد له كثيرون حرصه على التوافق الاجتماعي وانتمائه الواضح للدولة الاردنية ولنظام الحكم فيها ، ويبقى الرهان على حسن ادارته للامور دون الميل نحو تشكيل ضغوطات على الحكومة الحالية او الحكومات المقبلة بما يهدد السلم العام .
وندعو الله ان لا تؤول زعامة حزب كهذا في يوم من الايام لمن يجدون من المكنماورة والكولسات ولي اذرع الحكومات حتى لا تتكرر صورة النحاس باشا الذي احدث ارباكات مريرة للقصر والحياة السياسية في مصر في القرن الماضي.