عادة ما يكتب كتاب المقالات الأسبوعية مقالاتهم قبل يومين أو ثلاثة أيام مع موعد النشر ، وكذلك كتبت مقالي الذي نشر يوم الثلاثاء 21 حزيران بعنوان « القطاع الخاص بشكل عام « ودعوت فيه رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي إلى تشكيل « فريق عمل « يكون نصف أعضائه من القطاع الخاص ، حتى نؤسس لعهد جديد من التفكير الاقتصادي الراقي ، فتوافق أن نشر المقال في الوقت نفسه ، أي يوم الثلاثاء ، مع نشر نص الرسالة الملكية السامية إلى رئيس الوزراء التي يأمر فيها بتشكيل مجلس للسياسات الاقتصادية بإشراف جلالة الملك شخصيا.
سواء كانت الوسيلة فريق عمل أو مجلس للسياسات ، المهم هو أن نصل إلى قناعة بأننا أمام وضع اقتصادي خطير ، شأننا في ذلك شأن دول كثيرة ، بحيث أصبح النظام المالي والاقتصادي العالمي آيل للسقوط ، وبالنسبة لنا لا يمكننا البقاء في مساحة ضيقة من التفكير والعمل ، والأهم من ذلك هو أن نكف عن التنظير وأن نتوجه لاتخاذ القرارات الصحيحة ، وإزالة العراقيل مهما كان نوعها، وخاصة الطريقة البائسة التي يتعامل بها القطاعان العام والخاص مع بعضهما البعض !
لا خلاف على تشكيلة المجلس وأهدافه، وآلية عمله، فكلها تصب في الهدف الذي نسعى إليه وهو معالجة الوضع الاقتصادي من أساسه ، فضلا عن التصدي للظواهر الناجمة عنه ، ومنها المديونية والفقر والبطالة وتدني مستويات المعيشة وغيرها مما يلمسه الناس، ويعرفه العارفون.
لكنني أعتقد بحكم التجربة الشخصية بضرورة التفاهم أولا على طريقة التفكير ، وأن يدرك القطاعان أنهما إذا جلسا هذه المرة على الطاولة كطرفين منفصلين أو متعارضين في المصالح ، فإن فرصة الوصول إلى خطة عمل مشتركة ستكون مستحيلة ، والأخطر من ذلك هو أن يظن القطاع العام أن على القطاع الخاص فتح فرص عمل بالنيابة عنه، دون أن يوفر مقومات الإنتاج التي تستوعب العمالة الوطنية !
لا بد من الصراحة والوضوح ، إننا اليوم ندفع ثمن سياسة دعم الاستهلاك والخدمات ونستدين من أجل ذلك ، بدل أن ندعم الإنتاج ، ونساند الاستثمارات المحلية المنتجة ، ونحفز المشاريع الإنمائية، بل أكثر من ذلك أدت بعض السياسات الحكومية إلى خنق مؤسسات صناعية واستثمارية نتيجة رفع الرسوم والضرائب ، والإجراءات المتخلفة ، وكان عليها أن تمنح القطاع الخاص التشجيع والقدرة على التوسع وزيادة الإنتاج ، وبالتالي زيادة عائدات الدولة كحصيلة لازدهار التجارة !
وضعنا الراهن ينطوي على مخاطر حقيقية نلاحظ بعض ملامحها في أشكال مختلفة من الاحتقان والغضب وشيء من الفوضى ، فنحن لسنا فقط أمام أزمة اقتصادية حقيقية أحد أهم أسبابها أننا ندور في حلقة مفرغة ، ونعيد الكلام نفسه ، والطريقة ذاتها في التعامل مع الأزمات ، بل كذلك أمام معضلة اجتماعية ناتجة عن عدم عمل شيء على أرض الواقع ، وعن طبيعة التطورات الكارثية التي تشهدها المنطقة، وهذه مسألة لا يتردد الناصح الأمين في لفت النظر إليها، وقد بدأنا نلمس من ظواهرها ما يبعث على القلق.
الراي