مثلي مثل كل الناس, أتابع الأخبار التي ترد عن الحكومة الجديدة ...وما لفت انتباهي أن الرئيس أول ايام توليه المسؤولية , قام بزيار دار المسنين ..وأوعز بإنشاء عيادة صحية في تلك الدار, كما طالب بتحسين الخدمة, وإزالة الإعتداءات على حرمها ...
قبل أن يصبح هاني الملقي رئيسا , كنت أزوره في المفوضية ..وكنت أزوره في منزله كل شيء لديه عادي , ولكنه يستفز ويهرول للهاتف , حين يقولون له إن والدته تريد الحديث معه , وميزته أنه هو من يقيس ضغطها ويعطيها الدواء ويصر على وضع الطعام لها ...وذات يوم تبادلنا الحديث عن الأم ..وأخبرته أن الذي دفعني لأكون كاتبا هو :- أني وفي الصف الثالث ذهبت لأمي كي أقرأ ما حفظته من نشيدة في كتاب اللغة العربية ..واكتشفت أنها أمية لا تقرأ ولا تكتب ..حسنا أنا مؤمن بشيء مهم وهو أن من يعشق أمه يفتدي وطنه ..ذاك أن الوطن في عيون أمهاتنا أحلى وأجمل ..
حسنا تلك مقدمة لابد منها ..وأنا مؤمن أن الجانب الإنساني لأي مسؤول في الدولة هو الأساس والقاعدة التي يتشكل عليها قبوله أو رفضه , ..والرئيس الحالي ما زال يقطن منزله ..حتى وهو رئيس مازال مصرا أن يحمل (الصينية) ويقدم الشاي هو بنفسه للضيوف ...وما دام أنه كذلك , وما دام أن بيت الرئاسة ..المبنى الضخم الذي شيد مثل حصن مقابل رئاسة الوزراء ..ومادام أن أغلب الرؤساء ظلوا في بيوتهم ولم يقطنوه , ما الذي يمنع ..من تحويله لدار للمسنين ...
الملك حسين – رحمه الله – أهدى قصره للأطفال اليتامي ...وما الذي يمنع أن يكون كبار السن جيرانا للحكومة , على الأقل الإحساس بوجعهم وحنانهم كفيل ..بأن يجعل من أي مسؤول يمر على الرئاسة او يعمل فيها , يجعل منه يتشرب في كل صباح جرعة هائلة من الإنسانية ....دور الرئاسة في العالم تجاورها الشرطة ..وأجزم أن قلوب ودعوات كبار السن لو جاورت مبنى رئاسة الوزراء لدينا فهي قادرة على إنقاذ الحكومات ..
ستكون صورة جميلة لدولتنا , صورة ناصعة ...صورة تمثل عطف الأردني وتمثل إنسانيته , فقد أفقدتنا الأيام ..والجوع والظرف الإقتصادي الصعب بعضا من تفاصيل الحنان لدينا ..
أتمنى من رئيس الوزراء , أن يمنح هذا المقر ..لمن يحتاجونه ..ففي النهاية الحكومات هي من الناس وليست حكومات على الناس ...وحمى الله الوطن .