يا الله كم اصبح لدي فضول «لأنبش»، واتحرى واسأل عن جيوب شهداء غادرونا الى عليين من عسكريين ورجال أمن، قضوا في سبيل الوطن، كم كانت تحوي من دنانير، في اول الشهر ، منتصفه وآخره.
راتب العسكري ، رجل الامن ، رجل السير بالفعل اثار فضولي، بالامس، حين تعطلت سيارتنا في طريق العودة من رحلة سياحة داخلية الى جبال عجلون الابية، في الاثناء وبدون استدعاء ظهر نشامى السير، ترجلوا وصوب مركبتنا اتوا.
حاول النشامى تصليح العطب، الا ان الامر كان صعب.
رسموا بسمة وزرعوا طمأنينة في نفوسنا كبارا وصغارا ، غابوا برهة وعادوا ، احضروا مختصا ، ووقفوا معه في كل لحظة، في الاثناء لم ينس هؤلاء الاطفال، فكان ان لعبوا معهم وخففوا عنهم سيما ان الظلام بدأ يشتد!!
في وقت الصلاة افترش احد رجلي السير سجادة الصلاة، وهنا همست طفلتي «ماما ربنا بيحب صلاتهم هدول»، اجبت: نعم يا امي واي صلاة من القلب.
ثلاث ساعات متواصلة قضيناها على قارعة الطريق الى ان تم اصلاح الخراب، لاكتشف بعدها ان هؤلاء لا يكتفون باداء عملهم وواجبهم الميداني على مدار الساعة بشكل متواصل ، بل يؤدون ايضا دورا انسانيا واخلاقيا عظيما، ذلك ان احدهم وفور الانتهاء من مهمة التصليح مد يده الى جيبه وتناول كل ما فيها ، وهمس لزوجي « يا اخوي انا معي 160 دينار، خلي معك 150 وانا عشرة بتكفيني لا تخرب السيارة مرة ثانية معك والطريق طويلة».
الله ، اي رجولة هذه ، اي انتماء وطني وشعبي، بل اي عطاء ان تهب كل ما تملك لعابر طريق، تعرف فقط انه ابن وطنك، وتقتضي شهامتك ان تقف منه موقف رجولة وعطاء بلا حدود.
اخلاص في العمل والواجب عزّ نظيره ، يا لهذه الطمأنينة والامل والتفاؤل ، الذي صنعتم.
ابهى واجمل الصور المشرقة للوطن ولجهاز الامن العام كانت تلك المساعدة والموقف المشرف الذي قدمتم، كل التحايا لكما رجلا السير من عجلون ولوطننا وجيشنا وامننا ، الذي يعطي بلا سؤال الروح قبل الجسد والمادة، لكم الحب والدعاء، احفظهم يا الله.
الدستور