الى متى سنبقى نفتقر الى الدهاء الاعلامي الاسرائيلي او السوري او المصري ؟ منذ صباح يوم الجمعة ونحن نتناقل خبر الشاب الاردني الذي اجتاز الحدود من غور الاردن الى اسرائيل،ننقلها عن المصادر العبرية الاسرائيلية والتي كان اخرها انه "مختل عقليا" بحسب "التحقيقات الاسرائيلية"؟
ونحن نعيش في زمن الدهلزات السياسية والمسرحيات الاعلامية في ظل نظام عالمي جديد قذر، الا تستطيع اجهزتنا المسؤولة واعلامنا ادارة وتوظيف المعلومات المتوافرة حاليا خدمة للصالح العام وخدمة لاقتصاد هذا البلد الذي يعاني الامرين نتيجة تحملنا لاعباء فرضها علينا المجتمع الدولي؟
الا نستطيع مثلا التصريح ان هذا الشاب البالغ من العمر 26 عاما كان عاقلا لفترة قريبة، لكن كونه "متعطل عن العمل" وفي ظل اوضاع اقتصادية صعبة، ورفعات متتالية للاسعار، وضنك العيش في الاونة الاخيرة نتيجة موجات اللجوء وتبعاتها التي يعاني منها الاردن حاليا فقد فقد الشاب عقله، وسيلحقه كثيرون.
او انه في الاصل شخص عاقل جدا، وان قصة "مختل عقليا" ابتدعها الامن والاعلام الاسرائيلي لتحاشي تبعات امنية خطيرة مستقبلا ، لكنه اختار الطريق الاسرع والاقصر والاقل تكلفة لايجاد حياة اخرى، حياة كريمة في ارض العسل والتفاح، كيف لا وقد اصبحت "اسرائيل " الوجهة الانسب للهجرة للالاف من الافارقة من السودان والصومال، حتى تحولت جنوب تل ابيب اليوم الى مدينة للسود .
تخيلوا لو ان هذه الرسالة الاعلامية وصلت سريعا الى المجتمع الدولي الحريص كل الحرص على امن وسلامة اسرائيل ، والتي مفادها ان هذا الشاب الاردني هو مجرد عينة من الشباب الاردني الذي يعاني الفقر والبطالة والمتعطل عن العمل والذي اصبح ينظر الان باتجاه اسرائيل كحل انسب لمشاكله، لعدم قدرته على الهجرة الى اوروبا واميركا .
كيف تتوقعون ان يتعامل المجتمع الدولي مع الاردن اقتصاديا بعد مثل هكذا رسائل، حتى لو كانت مفبركة؟ لكن للاسف قد يخرج علينا الناطق الرسمي بتصريح يعتمد الرواية الاسرائيلية يخدم امن اسرائيل ولا يخدم اقتصاد الاردن الذي اصبحت مشكلة الفقر والبطالة بين شبابه الذين يشكلون 70 % من سكانه مشكلة امن وطني وقنبلة موقوتة، لا تنسوا احداث ذيبان قبل العيد، انا شخصيا اشك ان هذا الشاب "مختل عقليا" اعتقد انه عاقل وفعل عين الصواب.
اخيرا لا اخرا، بقي ان نقول اننا في عصر الثورة المعلوماتية والتكنولوجية، فان الفن والاحترافية في توظيف وادارة المعلومة، لا اخفائها او تاخيرها .