بعد ان تستيقظ من غيبوبة المجاملات المستمرة لمدة ثلاثة أيام وثلث..حتماً ستقودك «صفنة العيد» إلى نتيجة مهمة مفادها أن الخطاب السياسي العربي ليس وحده الذي يأبى التغيير..فكذلك طقوس العيد التقليدية تأبى التغيير..كما أن الوجوه التي تعايد عليها(هي هي) منذ مئة سنة أيضا..
منذ ربع قرن وخارطة الطريق الخاصة بالعيد لم تتغير، وكذلك مفاتيح الكلام «السوبر كي» التي تفتح أي موضوع ، و «الأفكار» التي تتفتت مثل «المعمول» بمجرد ان تمسك بها على عجل..
منذ ربع قرن ، وأنت تشاهد نفس الأحذية المخلوعة خارجاً - بالمناسبة كثير منها بربّاطات – رائحة بيض قلي، جذع الدالية اليابس الذي تميل رأسك من تحته ، الدرجة التي كنت أتعثر بها وأنا في العاشرة من عمري تعثّرت بها هذا العيد ونفس الأصوات التي كانت تتأسف على تعثّري «الله الله ..الله معك» هي نفسها التي تأسفت على تأرجحي في العيد الأخير «الله الله..الله معك» مع تغيير طفيف بدرجة خشونة الصوت وسلامة مخارج الحروف.. قال لي أحدهم مواسياً: «هاي الدرجة بتوقّع»..قلت له: بتوقّع ع شيكات؟؟..فلم يستحسن النكتة..ومضيت بوجه محمّر..اذا كانت بتوقّع لماذا لم يتم تغييرها منذ عشرات السنين يا أخي!!..
نحن نقدّس الثبات ، قلت منذ ربع قرن ، و»السيخ 6ميلي المطعوج» أمام مدخل البيت ما زال في مكانه، والكتابة على سياج الدار في أول مشروع للصرف الصحي ما زالت في مكانها «H « 2 م ,وسهم يؤشر على مكان الحفر ، الجلوس يتم في نفس المكان الذي اعتدت عليه منذ أول زيارة ، والسؤال حول «تشغيل المروحة» ولا الجو مليح!!..فتضطر إلى القول أن الجو مليح رغم أن «صابونة رجلك عرقانة» وصارت «تطلّع بقابيش»...صور المراحيم المعلقة في صدر البيت ، برواز الختيار الذي يحضن حفيده في رحلة الى «اشتفينا» في الثمانينات..الألوان الصارخة للمجالس العربية ،والسقوط في فخ الكنبايات «الهافتة»..أما الضيافة فتستحق فصلاً كاملاً من البحث والكتابة ،حيث تستطيع ان تحفظ عن ظهر قلب من الذي يضيّف «ماكنتوش» ومن الذي يضيف «توفي الأهلية»..ناهيك عن «النوجا الخالدة» بصنفيها البيضاء والعسلية..وأخيرا وليس آخراً الأخ الفاضل «بيض الحمام»..
في كل مرة أمارس فيها «صفنة العيد» اسأل نفسي اذا كنا لا نستطيع ان نخلق ثورة ضدّ الطقوس والعادات وصناعة الفرح فلنصنع ثورة في الضيافة على الأقل..بدلاً من الشوكلاته والنوجا والملبّس..وبسبب الظروف الصحية لمعظم الشعب المطبّش..لم لا نذهب للصيدلية ليلة الوقفة ونطلب منهم تشكيله من حبوب الضغط والسكري والديسك والحرقة والاسهال والامساك وحبوب (مقوية) ونخلطها جيداً ...ويتم تقديمها بعلبة ايضاَ كضيافة للعيد..مريض السكري يأخذ «جلوكوفاج» مريض القلب ياخذ «كونكور».. مريض الضغط يأخذ «ترايتيس» وغيرهم يأخذ حبوبا أخرى كل حسب احتياجه..
الشعب العربي هل حقّاً تريد التغيير؟ ولك اذا «بيض الحمام» مش عارفين نغيّره..!!
غطيني يا كرمة العلي
الراي