لم تكن ثورات القرن العشرين في العالم العربي مجرد هشيم بانتظار عود ثقاب من جنرالات المستعمرين وفلاسفتهم، فثورة عام 1919 في مصر كانت ضد الاحتلال الانجليزي وبالتالي ضد سلالة اللورد كرومر وليس باذن منه او انها تستعير دباباته، وكذلك ثورة العشرين العراقية التي كانت ادواتها الهراوات والفؤوس وضد الجنرال ليجمان وليس بتخطيط منه .
وكذلك ثورة يوليو عام 1952 التي عوقبت بالعدوان الثلاثي وهزيمة حزيران لآنها لم تكن صنيعة برنارد ليفي او أمثاله من متعهدي ثورات القرن الحادي والعشرين !
فأين ثورة العشرين العراقية من ثورة قادها بوش الابن وبلير ابن العم الساكسوني وبريمر، ما نخشاه هو ان يقال عن اختطاف الثورات العربية يغفل اختطافا آخر اهم هو اسباب تلك الثورات، فالشقاء وحده كما قال جان جاك روسو لا يخلق ثورات او حتى حراكات فاعلة، بل الوعي بالشقاء هو ما يُحدث ذلك .
ان خلط الاوراق في الحراكات العربية التي حملت اسما مُضللا هو الربيع ادى الى انعطاب البوصلات كلها بحيث تكون الوليمة الوداعية لرمضان هذا العام ثلاثمائة عراقي بين قتيل وجريح !
فأية ثورة تلك التي كان راعيها برنارد ليفي، وعرابوها منظّري الفوضى المدمرة لا الخلاقة الذين لا حول لهم ولا قوة وتحولوا بفضل تلك الثورات الى شعوب من لاجئين ؟
لقد كانت اسباب الثورات على وشك الاكتمال، وما تراكم عبر قرون وليس عقودا فقط من الكبت والعسف والاستبداد واستعباد البلاد والعباد كان يكفي لأن يكون المخاض عسيرا لكنه مُثمر والوليد معافى، لكن الاجهاض تولى الامر، واجريت عمليات سياسية قيصرية انتهت الى ما انتهى اليه ذلك الحمْل الذي دام تسعة قرون وليس تسعة اشهر !
بين ثورات القرن العشرين وثورات القرن الذي اعقبه ما بين الماء والسراب .
الدستور