نادراً ما تجد زعيم دولة بالعالم الثالث يتبادل رسائل الوُد والمسؤولية مع مواطنيه بدون قيود أو افتعال، لأن الغالبية تستغل الظروف لذكريات استقلال أو مناسبات وطنية أو حدث لا زالت تتردد ذكراه ... غير أن الملك عبدالله خالف القاعدة حين وجَّه رسالة معبرة بأسلوب مفهوم... وغير معقد ... مبادلاً الحب بالحب لشعبه وتأييده له على خطواته الإصلاحية، وما يقدمه من دعم بمختلف الوسائل المادية والمعنوية، ودون استغلال لمناسبة ما وإعطاء الوعود والأماني لأمور يتعذر تنفيذها .

صدق العلاقة... يتأتى من نُبل المواقف.... والملك .. جسَّد التواضع حين يُخصص جزءاً من وقته لجولاته الميدانية على جميع محافظات المملكة ويلتقي شرائح المجتمع بكل طبقاتهم , ويسمع شكاواهم،ويتحسس آلامهم... ويحل مشاكلهم ... فمثل هذا التعبير البسيط والمتسامح، أو التلقائي أعطى للمحبة عنواناً دائماً، وهذه الخصال الكريمة تجسدت بمواقفه في السكن الكريم لكل مواطن ... وتسيير طرود الخير الهاشمية لكل ذي حاجة.. وإغاثة الملهوف ... وعلاج المريض ...وآخر مكرماته إعفاء طلبة المدارس من الرسوم المدرسية ... وصرف مائة دينار للموظفين والعسكريين مستشعرا أوضاعهم مع حلول شهر الرحمة .. حتى أن الخير الهاشمي وصل إلى معظم أصقاع المعمورة .

محبة الناس لا تأتي إلا بالسلوك الصادق... والملك ... درج على أن يتكلم بما يستطيع تنفيذه وتقديمه، وهذه الواقعية في إدارة الدولة تجسد حقيقة هذا الإنسان الذي يقدم الفعل على الكلام، ومن ملامسة هذه المكاسب استطاع أن يوجد علاقات حميمة مع كل طبقات المجتمع.
المملكة... بلد بني بهمة الهاشميين وأبنائه... والهاشميون هم آل البيت ... ولعل تسلسل هذه التربية جسد خصوصيتنا، بحيث لم توضع السواتر بين رجل الدولة الأول، وأي مواطن، وقد أسس هذا السلوك المغفور له الملك المؤسس.... مما جعل المواطن ورجل الدولة بنفس الدرجة من التواصل والتلاحم.

نحن نمر بتحولات اقتصادية كبيرة ... وحساسية الانتقال إلى التطوير غالباً ما تكون جدلية، لكن القيادة الرائدة، هي التي تتعاطى مع الواقع بطرح الحقائق واضحة، ونهج الملك عبدالله أن لا تفريط بالمسلّمات والثوابت .... لكن لا بد من السير في ركاب الحضارة البشرية ، وخلق تنمية لا تعتمد على المورد الواحد، وهذه القضايا لا تخالف مبادئنا وأصالتنا، بل إن تحمل المسؤولية المشتركة بين المواطن والقيادة، أمرٌ تفرضه حاجاتنا وتطلعاتنا، لأن المستقبل لا تبنيه إلا أجيالنا وقياداتنا..
Zubi1965@hotmail.com