الجاهل عدو نفسه ... هذه المقولة نرددها مدركين باننا كلٌ منا جاهل في امر ما ولا احد يملك الحقيقة كاملة.
الجاهل الحقيقي أراه هو من يدعي المعرفة والعلم بكل الأمور. فهو يعلم بالطب والهندسة والطبخ والاقتصاد والسياسة وجميع حلول مشاكل البيئة عنده فقط.. واعتقد بان كل منا مر عليه شخص بمثل هذه الأوصاف على الأقل مرة بالحياة.
شخصيا مررت بهذه التجربة حيث تطلب مني موقف ما مجاملة شخص اعتقده الجميع بانه مثقف ليتضح بانه الوحيد "الفهمان" بالجلسة قاطبة. فهو يفهم بكل شيء. وعنده حل للقضية وسر القضاء على داعش. يستطرد بالكلام كأنه الوحيد بالجلسة او انه محط أنظار واستماع الجميع. فإذا تجرأت على مقاطعته، علا صوته وقاطعك بجملة لا تمت للموضوع بصلة ويتابع بالفكرة التي تطرأ على باله.
اعتقدت ( مخطئة) بأنني أستطيع السيطرة على الموقف وان أتقبل ما يقول ويفتي به بصدر رحب. أدرك صمتي فسألني عن تخصصي الصحفي، وعندما أجبته، ادعى حالا بانه يدرك عمق وأهمية حوار الاديان وكم من الكتب التي قراها عن الموضوع لكنها برأيه ركيكة ولم تعط لتعريف الحوار حقه!
هنا بلعت ريقي لأنني علمت بأنني على وشك ان أفجر قنبلة في وجهه! فكيف لشخص يمارس الحوار مع ذاته فقط، يعي التعريف البسيط للحوار ناهيك عن أهميته!
اعلم بان افضل وسيلة لهكذا موقف هي الانسحاب من أمامه وإهماله. لكن لم استطع الا ان أقول له وباكتر لباقة ممكنة: "الحوار يا صديقي يحتاج الى شخصين، مستمع ومتكلم، اما الببغاء فهي لا تحاور."
قيل في الامثال: " لا تجاوب الجاهل حسب حماقته لئلا تعدله أنت"
انسحبت وانا أفكر في قرارة نفسي بان حربنا هي مع الجهل والجهلة الذي هو أساس مشاكل مجتمعنا.