facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




رمضان وسؤال القيم في مناهجنا الدراسية


بلال حسن التل
03-07-2016 04:17 AM

تحدثنا في عدد من المقالات السابقة عن الفرق بين جوهر العبادات ومظهرها, ودعونا إلى أهمية تكامل البناء العلمي والمعرفي للداعية والواعظ, باعتباره قدوة لغيره ولأن الغوص إلى جوهر العبادة يحتاج منا إلى إعمال العقل لفهم فلسفة العبادات ومقاصدها, وهو الأمر الذي لا يتم عند الكثيرين منا, من الذين نشأوا وتربوا على تراث مدرسة النقل, والتعامل مع كل ما يصل إليهم على أنه من المسلمات, مع أن معظم هذا الذي وصل إلينا هو اجتهاد بشر حاولوا أن يفهموا النص وفق ما توفر لهم من معطيات عصورهم, وعلوم هذه العصور, فأصابوا وأخطأوا, وربما صار الكثير مما أصابوا به غير ملائم لعصرنا بفعل تبدل الأحوال التي تستدعي تبدل الأحكام, ولعل هذه من حكم جعل الاجتهاد مصدراً من مصادر التشريع الإسلامي, ولعلها أحد أسباب مأخذ الإسلام على الأقوام الأخرى التي أخذت كل ما وصل إليها من الأولين على أنه من المسلمات «هذا ما وجدنا عليه اباؤنا».

خلاصة القول في هذه القضية أنه قد آن الأوان كي نُعمل العقل في الكثير مما وصل إلينا, وتعاملنا معه على أنه من المسلمات, ومن الحق الذي لا يـأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه, مع أن الكثير منه صار يشكل حاجزا سميكاً بيننا وبين فهم الدين على حقيقته, ومن ثم فهم الحياة التي جاء الدين لينظمها ويجعلها أكثر جمالاً, لا ليقتلها أو يجعلها قاسية مكفهره, كما يحلو للبعض أن يقدم لنا الدين عبر وجوه عابسة وممارسات متخلفة.
هذا بالنسبة لفهم جوهر العبادات, أما بالنسبة لتكامل البناء المعرفي للداعية والواعظ فإن هذه يستدعي أولاً أن نعترف بأن الداعية والواعظ هو ابن بيئته, والبيئة مكون أساسي من مكوناته وثقافته, من هنا نلمس الفرق الكبير في نظرة الناس إلى القضايا المختلفة وتعاملهم معها, فنظرة ابن المدينة تختلف كثير عن نظرة ابن الريف إلى الكثير من القضايا خاصة ذات العلاقة بالسلوك الاجتماعي, تماما مثلما تختلف هذه النظرة بين الحضري والبدوي, وهو أمر ينسحب على الفقه وأحكامه, ولعل هذا الاختلاف في النظر إلى الأمور بسبب تأثير البيئة هو سبب ظهور مصطلح «فقه لبداوة» فاللبادية أحكامها ومفاهيمها وأعرافها ومعطياتها, مثلما للمدينة أحكامها ومفاهيمها وأعرافها ومعطياتها, وكذلك للقرية والمخيم والسهل والجبل, ويكفي هنا أن نستذكر أن الإمام الشافعي غير الكثير من أحكامه الفقهية عندما انتقل من بلد إلى بلد, فصار لديه معطيات جديدة أثرت على استنتاجاته واجتهاداته وأحكامه.
ولأن الداعية والواعظ ابن بيئته فإن من المهم ونحن نتحدث عن البناء المعرفي للداعية, أن نتحدث عن البيئة التي يتعلم فيها الواعظ, وهذا يقودنا إلى السؤال عن القيم التي تتضمنها مناهجنا التعليمية في كل مراحلها, فمن المسلمات أن جل دعاتنا ووعاظنا مروا من خلال مناهجنا المدرسية في مراحل التعليم الأولى على الأقل, وهي المراحل التأسيسية لشخصية الإنسان ولبنائه المعرفي, فما هي منظومة القيم التي تتضمنها مناجهنا المدرسية, وهل من بينها مبادئ الحوار وقبول الآخر, وهي من أهم مضامين الخطاب الإسلامي التي علينا تعظيمها في نفوس أبنائنا عبر مناهجنا المدرسية, ولنتذكر أن خلق الإنسان وفق المنظومة القرآني بدأ بواقعة حوارية بين الخالق سبحانه وتعالى وملائكته «وإذ قال ربك للملائكة أني جاعل في الأرض خليفة», ومثلما بدأ خلق الإنسان بالحوار فإن المنطوق القرآني نفسه يؤكد أن واقعة خلق الإنسان جمعت بين الحوار وبين حق الاختلاف الذي ضمنة الله عزوجل لمخلوق من مخلوقاته اعترض على تكريم آدم, أعني به أبليس الذي أبى واستكبر ورفض الركوع لآدم, فأمهله الخالق الى يوم الدين, وهي واقعة تدل على قبول الآخر المختلف معك وبناء علاقتك معه على أساس الحوار «ادعو الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن» فأين مناهجنا من هذه القيم, أعني قيمة الحوار, وقيمة حق الاختلاف, وقيمة قبول الآخر, بل وأكثر من مجرد القبول, فقد أمرنا بالسعي إلى التعرف إليه والتعاون معه, فالقرآن الكريم يجعل من التعارف البشري هدف من أهداف الخلق «أنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا» فإلى أي حد تنمي مناهجنا لدى طلاب مدارسنا قيمة التعارف مع الآخر؟ وهل تساعد مناهجنا على أن يكون هذا التعارف مدخلاً لما هو اهم, أعني التعاون الذي هو هدف آخر من اهداف الجعل البشري على هذه الأرض؟

كثيرة هي القضايا التي يثيرها سؤال القيم في مناهجنا ابتداء من حق الاختيار وانتهاء بحق الاحترام, احترام النفس, واحترام الآخر, وقبل ذلك كله احترام الحياة باعتباره أحد أهم مقاصد الشريعة, فأين منهجنا الدراسية من كل هذه القيم التي يجب أن يكون الأئمة والوعاظ حراسها والمدافعين عنها, لو كانت مدارسنا تؤسسهم على ذلك؟.

الراي





  • 1 خالد هنداوي 03-07-2016 | 06:37 PM

    ....................


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :