اشعر ان ثمة نوايا غير بريئة وغير منصفة تستهدف بسهامها مؤسساتنا التي نحرص على بقائها بعيدة عن العبث والتجريح , وفي مقدمتها مؤسسساتنا الامنية التي نعتز بها وبادائها , ولهذا امتلك الشجاعة لاقول ان كل كلمة تحاول ان تمس اجهزتنا الامنية مهما كانت دوافعها , ليست فقط “ خطيئة “ كبرى , وانما هي عبث مقصود بنواميسنا الوطنية , وهجمة مشبوهة لزعزعة ثقتنا بانفسنا ، والاساءة لبلدنا ، والانتقاص من انجازاتنا ، والضغط على “ عصبنا “ لتمرير اجندات تتعارض مع مصالحنا الوطنية .
حين ندقق في مثل هذه الهجمات نجد انها مقصودة , فقد سبق وتعرض بلدنا لعمليات ارهابية استهدفت امنه واستقراره , كما سبق وتعرضت مؤسساتنا الامنية لحملة من التشكيك في سياق اجندات اراد البعض تمريرها , تصاعد الهجوم ايضا على شكل تقارير صحفية واعلامية من جهات معروفة حاولت ان تنبش قضية مر عليها شهور وتم معالجتها بشكل سريع من قبل اجهزتنا المعنية , وهذه نقطة تسجل لها لا عليها , فقد عودتنا دائما على كشف الاخطاء حتى ولو كانت داخلها , بما يزيد من ثقتنا بادائها , ولا ينتقض من مصداقيتها كما يريد البعض ان يفعل ذلك .
لقد تشكلت لدينا ثقافة مغشوشة مفادها ان الانحياز لمؤسساتنا الامنية يتعارض مع منطق المعارضة ومع القيم الوطنية احيانا , مما دفع البعض الى التعاطي مع هذه المؤسسات وكانها “ جزر “ معزولة عن مجالنا العام , وان من يقترب منها او يتعامل معها محفوف بالشكوك , ومجروح بصدقيته , وقد حان الوقت لكي نصارح انفسنا ونخرج من هذه الدائرة التي لا علاقة لها بالوطنية ولا حتى بالقيم السياسية والاخلاقية , مؤسساتنا يجب ان تبقى ركائز “ لجوامعنا “ الوطنية , ومحل اعتزاز لكل اردني مهما كانت اتجاهاته السياسية , فهي تمثل افضل ما انجزناه , كما انها الضامن الاساسي لاستقرار الدولة , والحارس الامين لقوة المجتمع وتماسكه ووحدته .
لا يمكن بالطبع , لاحد ان يدافع عن اخطاء تقع هنا او هناك , لكن من واجبنا ان نذكّر ان اجهزتنا الامنية هي التي كشفت على الدوام معظم ما يحدث من اخطاء , حتى لو كانت داخلها , وهي التي ساهمت في تصحيح مسارات سياسية وادارية كادت في لحظة ان تعصف بمجتمعنا , مما يعني ان وراء السهام التي تتوجه الينا “ نوايا “ مشبوهة لا علاقة لها باخطاء يمكن ان تحدث , بقدر ما تريد ان تعيدنا الى مربع الشك بذاتنا , وتهشيم صورة مؤسساتنا , والاجتراء على انجازاتنا الوطنية التي تمثلها هذه المؤسسات بادائها الخير , وطبيعتها المؤسسية وثقة الاردنيين بها .
لقد حان الوقت لكي ندرك ان بلدنا يواجه اخطارا غير مسبوقة , وان انتصارنا على هذه الاخطار يستوجب , اولا, ان نصارح انفسنا ونتخلص مع “ عقد “ الوطنية التي يقيسها البعض على مسطرة النقد الدائم والتشكيك بمؤسساتنا , كما يستوجب ثانيا الاحتشاد خلف قيم الدولة الاردنية ومرجعياتها , وعدم العبث بنواميسها , او الانتقاص من انجازاتها , ويستوجب ثالثا ابقاء مؤسساتنا الامنية واجهزتها خارج دائرة النقاش العام , خاصة اذا جاء هذا النقاش في سياق تقارير من خارج الحدود , او اشاعات مغرضة , او اجندات تريد توظيف بعض الاخطاء التي تقع لممارسة ضغوط معينة , او تحقيق اهداف محددة.
بصراحة , لقد عانينا في السنوات الماضية من محاولات استهدفت تجريح مؤسساتنا الوطنية ونزع ثقة الناس بها , خذ مثلا ما حدث لمؤسسة البرلمان , ولمؤسساتنا التعليمية والدينية , ولحكوماتنا ايضا , صحيح ان اخطاء بعض هذه المؤسسات كان جزءا من المشكلة , ولكن الصحيح ايضا ان هنالك عملية خلط مقصودة , ربما , جرت بين المؤسسة وبين العامليين فيها , وفيما كان من الواجب ان ينصب النقد على اداء العاملين انحرف الى “ المؤسسة “ ذاتها , وهذه خطيئة كبرى لا يجوز ان “ نبتلعها “ او ان تصبح جزءا من انطباعاتنا ومواقفنا العامة .
بقيت المؤسسات الامنية , بعيدة عن هذا الخلط , ويجب ان نحرص على بقائها بعيدة عن اختلافاتنا ومقايضاتنا , ليس فقط لانها تستحق ذلك بادائها , وانما ايضا لانها تشكل طوق الامان بالنسبة للدولة والمجتمع , ولان المساس بها يتجاوز الخطأ الى الخطيئة الكبرى، الخطيئة التي تفقدنا مناعتنا وتلحقنا في طابور الذين يصطفون حولنا في جحيم الحروب والصراعات , ولهذا اجدني امتلك الجرأة لكي احذر من ذلك , واضم صوتي لكل صوت ينحاز لمؤسساتنا الامنية بلا اي تردد .
الدستور