حماس .. من أزمة الخيارات إلى أزمة التبعية
رجا طلب
03-07-2016 03:30 AM
منذ اندلاع ما سمي بالربيع العربي في أواخر عام 2010 دخلت حركة حماس أزمة حقيقية، تمثلت تلك الأزمة في سقوط المعادلة التقليدية لحسابات حماس السياسية في المنطقة وطبيعة تحالفاتها، وكان أعنف حدث هز الحركة وتلك الحسابات السياسية باتجاه "الإغراء والغرور" هو سقوط نظام حسني مبارك، هذا النظام الذي نجح ومنذ منتصف التسعينيات من القرن الماضي بالمحافظة على موقف متوازن إلى حد كبير بين حركتي فتح وحماس، على الرغم من أن النظام المصري السابق كان بتركيبته وبنيته السياسية والأمنية "حاضنة" لمنظمة التحرير بقيادة حركة فتح، وتحديداً بزعامة ياسر عرفات.
كان لتولي الإخوان المسلمون السلطة في مصر الأثر الأكبر في دفع حماس نحو حسابات "مقامرة " لم تعتد عليها منذ أن أبعدت عن الأردن في عام 1999 ومن أبرز تلك الحسابات المقامرة كان ما يلي:
• التماهي التام مع حركة الإخوان في مصر ونسيان خصوصيتها الفلسطينية التي كانت تميزها على مدى عقود طويلة لدي ذلك النظام، فنظام مبارك كان يتعامل مع حماس باعتبارها حركة فلسطينية وليست حركة تابعة للتنظيم العالمي للإخوان المسلمين التي كان النظام يتعقبها ويعتبرها حركة معادية له.
• المسارعة للاعتقاد بقرب سقوط نظام بشار الأسد، وتحديداً من قبل تيار خالد مشعل رئيس المكتب السياسي المدعوم من الدوحة وأنقرة، وكانت لتلك القناعة لدى مشعل تبعاتها السياسية من قطيعة مع سوريا وإيران وحزب الله، وانهيار محور المقاومة والممانعة والذي جهدت إيران كثيراً من أجل بنائه بعد اغتيال رفيق الحريري في فبراير (شباط) 2005 والذي تجسد بقوة بعد "حرب تموز" عام 2006 والمكون وقتذاك من سوريا وإيران وحزب الله وحماس بطبيعة الحال وتركيا وقطر.
• كان للعاملين السابقين تأثيراً مباشراً على علاقة حماس مع دول الخليج العربي والأردن، وتحديدا مع السعودية وهو أمر زاد من أزمة الحركة سياسياً وأضعف خيارات المناورة السياسية التي كانت متاحة لها.
النتيجة المباشرة لما سبق يتمثل في أن حماس كسرت بسبب الإغراء والغرور كل معادلاتها السابقة وأضحت حائرة وضعيفة بعد ثلاثة عوامل جديدة من مخرجات "الربيع العربي".
أولاً: بقاء نظام بشار الأسد وعدم سقوطه.
ثانياً: سقوط نظام الإخوان في مصر.
أما العامل الثالث فهو العامل القريب والمفاجئ والمتمثل بالاتفاق التركي – الإسرائيلي والتركي – الروسي الذي باتت حماس الخاسر الأكبر منه فيما النظام السوري الرابح الأكبر، وفي تفصيل الخسارة والربح يمكن القول ما يلي:
أولاً: لم تعد أنقرة ووفقاً للاتفاق مع إسرائيل قادرة على رعاية أو حماية "إرهاب" حماس، وهو ما يعني أن الحركة فقدت داعماً أساسياً لها.
ثانياً: وفقاً للاتفاق المشار إليه والذي أعاد علاقات أنقرة وتل أبيب إلى سابق عهدها أي إلى ما قبل عام 2010 فإن حماس باتت محاصرة وممنوعة من أي عمل أمني أو عسكري يحرج "الراعي التركي".
ثالثاً: بدأ الصراع والتناقض داخل الحركة يأخذ أبعاداً جديدة تهدد بحدوث انشقاق تنظيمي معلن بين تيار الخارج المدعوم من تركيا وقطر ويمثله خالد مشعل، وبين تيار الداخل المدعوم من إيران والحرس الثوري الإيراني والذي يمثله إلى حد كبير محمود الزهار وقيادة كتائب القسام .
ومن المتوقع أن يكون استحقاق الانتخابات الداخلية للحركة والمنتظر إجراؤها العام القادم والتي سيتم خلالها انتخاب 45 عضواً لمجلس الشورى المركزي، و19 عضواً للمكتب السياسي، مجالاً خصباً للمراجعة والمكاشفة لمسيرة الحركة خلال السنوات الماضية وتحديداً سياسات خالد مشعل وقراراته بالانحياز لتوجهات أنقرة - الدوحة فيما يخص مجريات الأحداث في مصر وسوريا، ومن المتوقع أن تبرز الخلافات حول طبيعة التحالفات في المرحلة القادمة إلى العلن وحول عنوانين اثنين، هما إيران وحزب الله وسوريا أم أنقرة والدوحة، وتصريحات الإشادة المفاجئة للدكتور موسي أبو مرزوق بإيران ودعمها لحماس جاءت على ما يبدو في إطار التحضير المبكر لأجواء المؤتمر المنتظر .
24