ما الذي يعطل السياسة النقدية؟
محمد عاكف الزعبي
02-07-2016 12:43 AM
البنوك المركزية نفذت من الذخيرة ولم يعد لديها من القوة ما يؤهلها لحفز الاقتصاد العالمي واخراجه من عنق الزجاجة الذي يرزح فيه منذ العام 2008.
12 تريليون دولار ضخت في الجهاز المصرفي العالمي، اسعار الفائدة ترزح عند ادنى مستوى لها على الاطلاق، برامج شراء الاصول وصلت حد شراء سندات الشركات بعد ان كانت تقتصر على السندات السيادية، والنتيجة: نمو اقتصادي هش بالكاد يصل الى 2% في الاقتصادات المتقدمة، معدلات تضخم دون المأمول، اسواق ناشئة تغرق في الديون، والملاذات الامنة عند مستويات قياسية.
سببان رئيسيان يقفان وراء عجز السياسات النقدية حول العالم: 1) تعطل القناة الاهم للسياسة النقدية. فالسياسة النقدية، وبخلاف السياسة المالية، لا تنتقل بشكل مباشر الى الاقتصاد، بل تمر عبر قنوات اهمها البنوك. والأخيرة تعاني من ظروف مالية صعبة تجعلها اقل فعالية في نقل السياسة النقدية الى الدورة الاقتصادية. فكيف نتوقع من البنوك في ايطاليا، حيث تشكل القروض غير العاملة 18% من اجمالي القروض، ان تكون اداة فعالة في اقراض السيولة التي توفرها السياسة النقدية؟ نفس الشيء بالنسبة لاسبانيا حيث تتجاوز نسبة القروض غير العاملة 10%.
2) عزوف الحكومات عن مساعدة البنوك المركزية وتركها وحيدة في مواجهة ظروف اقتصادية شديدة التعقيد لاسباب متعددة منها سياسي مرتبط بخوف الاحزاب السياسية من تضخم مديونيات بلادها اثناء فترة حكمها ومنها ما هو اقتصادي موضوعي كما هو الحال في اليابان.
ثمان سنوات مرت على الازمة المالية العالمية، ولم يستطع الاقتصاد العالمي تجاوز مرحلة الخطر بعد. والقناعة بدأت تترسخ لدى الكثير من الاقتصاديين بان تدخل الحكومات قد بات ضرورة ملحة لا تحتمل التأجيل. ومن كان يعتقد بان فكرة مروحية النقد بعيدة التطبيق، فعليه ان يعيد حساباته خصوصا بعد ان عاكست بريطانيا اغلب التوقعات وصوتت للخروج من الاتحاد الاوروبي.