رسوم الجامعات واستئصال الفقراء !حسن الشوبكي
19-08-2008 03:00 AM
يقترب الموعد وكأنه قدر سيأتي على كل شيء ، الاب حائر فلا قدرة له على تأمين رسوم ابنه الجامعية للفصل الدراسي الجديد ، والابن يبحث بين اوراق الصحف عن فرصة عمل للتخفيف من وطأة المشهد الثقيل ، ولعل الاجواء النفسية داخل البيوت الاردنية حاليا جراء هذا التحدي تزداد سوادا وتزيد معها المشاكل والاحتقانات ، ولمن لا يعلم عن هذا الامر ان يسأل عن حال اسرة تدرس طالبا او طالبة في الجامعة . ثمة ما يدعو للتأمل والبكاء بين ظهرانينا ، فهذه ام بلال تتحدث الى اذاعة خاصة صباح امس وترجو العون وهي تبحث عن نافذة تطل من خلالها على واقع جديد ، واقع يساعدها في ان يحظى ابنها على مقعد في احدى الجامعات فيما قدراتها اقل بكثير من مستوى الانفاق على طالب في الجامعة وهي التي يعاني ابنائها من اليتم وليس لديها دخل لمواجهة متطلبات الحد الادنى لمعيشتهم. المفزع في الامر ان معدل ابنها في التوجيهي لهذا العام كان 98 في الفرع العلمي ، وكان يراوح بين الدراسة في النهار والعمل في مطعم ليلا .. بعد كل هذا العناء والعمل والتفوق ، لا تزال ام بلال غير مقتنعة ان ابنها سيدرس في الجامعة لتبدأ بعدها حياة جديدة ، وفي موازاة كل ذلك لا تزال تلك السيدة تفكر في قسط ابنتها التي تدرس الهندسة للفصل الجديد ، فقد كانت قد اخذت قروضا حسنة في السابق لكنها اليوم امام مأزق تدبير احوال ابنائها الطلبة ، بيد انها تدخل هذه المعركة دون سلاح . ايعقل هذا ؟ يحصل ابنها على معدل 98 وتقلق الام بشأن امكانية دخوله الجامعة ! منذ ارتفاع أسعار المحروقات في السنوات الاخيرة وتفاصيل الحياة الاقتصادية آخذة في التعقيد ، وسجلت الرسوم الجامعية ارتفاعات في الوقت الذي تصاعدت فيه تكاليف التعليم عموما ، ولم يصغ احد الى التوصيات التي تكررها حملة " من اجل حقوق الطلبة – ذبحتونا " والمطالبة بتشكيل لجنة لدراسة خفض الرسوم الجامعية بما يتناسب ودخل المواطنين والاسراع في التخفيف من عبء باقي تكاليف العملية الدراسية في البلاد ، ورغم تأكيدات المسؤولين الرسميين في التعليم العالي ان لا نية لرفع رسوم الجامعات للعام الحالي ، الا ان الارتفاعات تظهر في جوانب اخرى كرسوم التسجيل ورسوم المكتبة ورسوم المواصلات وسواها مما يجعل الطالب امام اعباء اضافية لا طاقة له على حملها وكذلك الامر بالنسبة لاهله . ثمة ما يدعو للسخرية ، ففي الاسابيع الماضية عرض بعض من " طلبة " احدى الجامعات الخاصة وعلى نحو مستفز لكل ما هو انساني وكل ما هو اخلاقي مذكرة طالبوا فيه برفع الرسوم الجامعية في جامعتهم - التي تعتبر رسومها الاعلى مقارنة مع باقي الجامعات الخاصة في المملكة - وذلك لهدف سام وراق ونبيل في نفوس هولاء الطلبة واهاليهم ، الا وهو" الحد من قدرة الفقراء على دخول تلك الجامعة والابقاء على المظهر البرجوازي لطلبتها بعد تنظيفها من الفقراء " ، هل يوجد بشاعة اكثر من هذه ؟ وماذا سيحل بنورة ابو غريقانة التي حصلت على معدل 95.8 في العقبة وهي تسكن احدى بيوت الصفيح المهددة بالازالة ، وماذا سيحل ببلال الذي كد واجتهد وعمل وتفوق ؟! الجامعات ليست للاغنياء بل للاذكياء والمبدعين ، ورفع عبء التعليم لن يجعل البلاد في مصاف الدول الجاذبة للتعليم كما لن يسهم في تخريج قادة الغد ، ومن اهم الواجبات التي يجب ان يسعى الى تحقيقها المجتمع باسره – حكومة ومؤسسات تعليمية وقطاع خاص وبنوك وجمعيات خيرية وايادي العون والمساعدة – التخفيف من وطأة الرسوم الجامعية ومساندة ارباب الاسر لتخطي هذا التحدي باقل الخسائر لا سيما ما يتعلق بالطلاب الفقراء الذي يحلم البعض باقتعلاعهم وحرمانهم من حق التعليم والحياة . |
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * |
بقي لك 500 حرف
|
رمز التحقق : |
تحديث الرمز
أكتب الرمز :
|
برمجة واستضافة