أحسنت أمانة عمان صنعا حين خصصت أسبوعا للضحك ضمن فعاليات مهرجان صيف عمان 2008 ... ورسمت البسمة على شفاهنا وبينت كم هو جميل الأردني" ابوكشرة" حين يكون مبتسما.... ضحك بلا توقف ... يعني كسر لرتابة الكشرة التي لازمت الشعب الأردني طويلا حتى غدت سمة شعبنا الطيب , والتي يبررها البعض بسبب مشاغل وهموم الحياة اليومية .
وقوف الجمهور أمام "مشهد مسرحي ما" ومقابلته للكوميديا التي ينطوي عليها بالضحك كردة فعل عفوية يُترجم ذلك الجمهور من خلالها استيعابه للنكتة أو الموقف الكوميدي الذي يقدمه المشهد موضوع الكوميديا.
فالكوميديا - باعتبارها لغزاً إدراكياً يتكئ على مبدأ انعدام الموائمة - تُعوِّل في نجاحها على فك المُتفرِّج لشيفرة المفارقة التي يقوم عليها المشهد، ومن ثم عثوره على حل اللغز ! . عندها يتحقق الضحك بصورته "الفيزيائية" كجزء من السلوك . وبصورته "الوجدانية" كعاطفة إنسانية إيجابية . و بدلالته "الاجتماعية" كشكل من أشكال التواصل الإنساني !
ومن أبلغ ما قيل في تعريف الضحك كردة فعل عفوية تلك اللوحة السريالية التي رسمها له المؤرخ السينمائي السوفيتي "يورنيف" عندما قال : .. إن الضحك يمكن أن يكون سعيدا أو حزينا، طيبا أو قاسيا، ذكيا أو أحمق، متعاليا أو كسيراً .. انطوائيا أو انبساطياً، محتقرا أو مرتعباً، مهينا أو مشجعا، وقحاً أو جباناً .. ودوداً أو عدوانيا ملتويا أو مباشراً، لعوباً أو ساذجاً، رقيقاً أو بذيئاً .. إنه متعدد المعاني وبلا معنى .. احتفاليٌّ ومقتضب .. مفضوحٌ ومحيِّر.. ! ..
فالضحك بحسب ذلك التعبير الفني البديع "كائن حي يمشي على قدمين" .. كائن تخلقه روح "الضاحك" وتغذيه طرافة "المضحوك عليه" ! . وبحسب ذلك التعريف الفني الذي رسمه (يورنيف) يسهل افتراض وجود علاقة عكسية بين عمق شخصية "الضاحك" ورفعة مستواها الفكري والروحي و بين مقدار ونوعية "الضحك" كردة فعل عفوية تصدر عنه بعد أن ينجح عقله في فك شفرة النكتة التي يحملها الموقف أو المشهد الطريف !
وفي قناعاتنا الشعبية تصنيف ضمني لشخصية الضاحك - على هدي تلك العلاقة الطردية المفترضة بين شخصية الضاحك ونوعية الضحك - من خلال ربط الضحك بـ "ميتة القلب"التي تتصف بها الشخصيات السطحية والعشوائية .. فيقول قائلنا عن الشخص كثير الضحك " قلبه ميِّت " !
وما بين التبسم والضحك والقهقهة تتفاوت ردود أفعال الناس تجاه الطرائف والغرائب . و ما بين الضحك (العشوائي) والضحك (المسؤول) على هدي تصنيف (يورنيف) تتفاوت الضحكات، كل على حسب ثقافته وتربيته وانتمائه الاجتماعي ! ..
وعليه فالضحك كسلوك عفوي يصدر عن شعبنا الطيب... ينفي عنا صفات كثيرة لازمتنا عقود.... وإننا شعب متفائل يحب الحياة.... ولا نخشى الضحك كعادتنا حين نفرط بالضحك نقول " الله يكفينا شر هالضحك" !!
zubi1965@hotmail.com