سفرهم طال هالغيروا حوالي -------نوبه عليهم اشتكي نوبه على حالي

تقلبت الوالده كثيرا على السرير ، لم تطاوعها أجفانها على اغماضة بسيطه تمسح عنها اأوجاع النهار ، نهضت متثاقله ، دارت نصف دوره حول السرير ، لم تجد الحفايه ، اصطدمت بدرفة خزانة نسيت اغلاقها قبل النوم ، ثم ركعت في خشوع شاكرة لله على نعمه وعطاياه ، ومع تفاسير الضحى دلفت الى المطبخ .
صوت المياه المنسابه من الحنفيه وحركة الصحون والطناجر في المجلى هو الحصة الدراسية الاولى من ساعات النهار – شرعت نافذة المطبخ – نهرت القطط الحالمة بوليمة المساء ( انها الحاسة السادسه ) – نسمات من الهواء الطازج الخارج لتوه من مجمدة الندى تتسلل الى غرفة النوم تحرك صفحات جريدة متروكه وتحمل عبقات القهوة المرةمع اصوات طرطشة الزيت الساخن في مقلاة البيض .
رائحة القهوة تزكم الأنوف – يفيق الوالد – ينتعل حفاية المدام بعد ان ينهض من السرير – يفتح غرفة الابناء – جميعهم نائمون – سرير واحد بقي على ترتيبه منذ عام – يغلق الباب –يفتح المسجل على اغنية --الورد فتح يا زارعين الورد -------والولف روح والورد فوق الخد.
الوالده – وطي المسجل خلي العيال نايمين .
الوالد – لا خليهم يقوموا يساعدوني بكفيهم نوم .
ثم يخرج الى الحديقه – رائحة الياسمين وألوان الخبيزه وحبات المشمش والأسكدنيا وقطوف الحصرم وزقزقة العصافير تحفز على الكتابه وتستدعي القوافي .
ومع قطرات الندى الصباحيه ترتدي البراعم ثياب التخرج الزاهيه وتلقي محفوظة الصباح وتنثر العطور والورود على الحالمين بمواسم العشق وروزنامة المواعيد وتدعو أسراب النحل الى ولائم الرحيق وتغازل الفراشات الباحثة عن أغصان تليق بأرواب التخرج على الأجنحة الحائره .
قطرات الندى ترسم على الأغصان ألوان البحر والجمر وتخيط أثواب الزفاف وتطبع حمرة النساء وشيب الكهوله وخصلات من شعر الطفوله وعيون الصبايا وأحلام العذارى .
هديل الحمام يثير غرائز القطة المتحفزة والحالمة بموائد الافطار .
يخرج الوالد الى الحديقه تلسعه النسائم البارده – يقوم باعادة ترتيب الطاولات والكراسي والطربيزات –( هاي حبة مشمش بتنادي علي مناداه ) --( لا لسا فيها حموضه بدها يومين أو ثلاثه حتى تستوي ) ثم يقوم باعادة ترتيب الطاولات والكراسي والطربيزات يلقي عليها نظرة من بعيد –لا يعجبه الترتيب – يقوم بتغييره- يدخل غرفة الاولاد .
الوالد -يا الله قوموا لا يروح ييجي العيل وانتو نايمين .
أحد الأولاد – يابا الدنيا الصبح وهو بيجي العصر .
الوالد – بلكي أجت الطياره بكير يا الله قوموا ولا ترجعوا الا وهو معاكو.
الوالده—حرام عليك وين يتغدوا .
الوالد كل واحد يوخذ معاه ساندويشه وزر بندوره .
تتمتم الوالده بكلمات غير مفهومه ، تخرج الى الحديقه – تبدا باعادة ترتيب الطاولات والكراسي والطربيزات – ثم تعود لتطمئن على صحون النقرشه والمازا – يخرج الوالد الى الحديقه مرة اخرى – لا يعجبه ترتيب الطاولات والكراسي والطربيزات – يعيد ترتيبها من جديد.

الوالده ومن باب المناكفه وحتى توخذ راحتها في الشغل تقول له ( انا شايفه انو اللحمه قليله بلكي تزيدها كمان 5 كغ ) ولا ترجع حتى يوصلوا العيال – ثم تلقي نظره على صحون المازا والنقرشه وتبدا بترتيب الطاولات والكراسي والطربيزات من جديد .

وما أن باشرت الشمس بارتداء نقابها الاسود وخفتت زقزقة العصافير وهبت نسمة طريه وازدانت الحديقة بقناديلها الذهبيه واطل القمر بلباس السهره وتوشحت السماء بكامل أوسمتها ونياشينها ومع اغنية ( سفرهم طال هالغيروا حوالي ---نوبه عليهم اشتكي نوبه على حالي ).
كان هنالك صوت حقيبة مجرورة وهمسات مسرورة وزوامير سيارات وزغاريت مبهورة ومعازيم واقفون يحدقون في مدخل الحديقه وجواز سفر يحمل بين صفحاته شهادة تخرج .