"لا يوجد شيء اسمه واجهات عشائرية" عبارة قالها وزير الداخلية أمس الأول في سياق الحديث عن أراض الدولة فالوزير أردف أيضا بان تلك الأراضي هي "أراض مملوكة للدولة".
لم افهم مضمون التفريق بين الحالتين: أراض للدولة وأراض واجهات عشائرية فهل ما يعد واجهة عشائرية يأتي خارج حدود سيادة الدولة؟ أنا افهم أن الدولة بمعناها العلمي هي: حيز جغرافي (أراض)، وسكان ( بعضهم عشائر) ، ونظام سياسي ، وهنا تدخل الأراضي المملوكة على الشيوع والملكيات الخاصة ضمن أراضي الدولة بمعناها السيادي - تطبق فيها القوانين الأردنية - ، لذلك لا معنى أن يكون هناك تفريق بين مفهوم الواجهات العشائرية ومفهوم أراضي الدولة لأنها هي هي من حيث انطباق القوانين الأردنية عليها .
لعل أسوأ ما في التعبير من دلالات ( وهو قد يكون زلة لسان) الإيحاء بان مطالب العشائر الأردنية بالواجهات العشائرية تأتي بالضد من مفهوم سيطرة الدولة على حيزها الجغرافي وهو انطباع خاطئ ، فالعلاقة بين العشائر الأردنية والدولة علاقة بنيوية يستحيل فصم عراها تحت أي عنوان يجري اختياره، فالأصل أن يبتدع من يقود الإدارة العامة صيغة حضارية للتعامل بين أجهزة الدولة ورعاياها، لا أن توضع الدولة في مقابلهم، فعمل كهذا - إن حصل - ينبئ عن تغاض مقلق لأسس التكوين السياسي الأردني.
إذا كان بمقدور السلطات استملاك الأراضي المملوكة للأفراد بقوة القانون لغايات المنفعة العامة فمن باب أولى أن تسيطر الدولة سياديا على حيزها الجغرافي لكن ذلك لا ينبغي أن يلغي حقوق المجاميع الأردنية التي نظمت نفسها في سياق عشائري منذ تأسيس الإمارة وحتى اليوم في الانتفاع والتملك للأراضي التي تحاذي سكناها ما دامت السلطات العامة لا تفكر في تملكها للمنفعة العامة خصوصا وان ما درج الناس على تسميته واجهة عشائرية قد استقر على مدى ثلاثة أرباع القرن أو يزيد.
في سياق الثورة العقارية التي تشهدها البلاد والمنطقة برمتها كإحدى مخرجات الفورة النفطية الثالثة لا ينبغي أن تجعلنا نغفل احد البنود الأساسية في العقد الاجتماعي الأردني.
لعل الوزير لم يكن يقصد بالضبط ما صدر عنه من تصريحات لذلك ننتظر توضيحات ولعلها تصدر قريبا وهو الرجل الذي يعرف بحكم خبرته الشخصية والعائلية ماذا تعني الواجهات العشائرية.
samizobaidi@gmail.com