هل نعاني من داعشية اجتماعية ؟
رجا طلب
27-06-2016 01:48 AM
ربما يكون العنوان صادما أو غير متوقع ، والسبب في تلك الصدمة هو ذلك الشعور الطاغي في دواخلنا بأننا نملك منظومة أخلاق لا تملكها الأمم والشعوب الأخرى بسبب مظاهر التدين الموجودة في كل مناحي حياتنا اليومية ، إلا أن الحقيقة غير ذلك ، الحقيقة أننا أسرى شعور زائف بتفوقنا القيمي والأخلاقي وهو يعكس حالة نرجسية – مرضية تحتاج إلى جرأة ومواجهة لعلاجها.
أما مناسبة طرح هذا السؤال فتعود إلى تلك المسلكيات العنيفة والمنفلتة التي تتزايد في شهر رمضان والذي من المفترض أن يكون شهر عبادة وتعبد وصبر وتسامح أكثر من بقية الشهور الأخرى في العام ، ففي رمضان من كل عام تزداد نسب المشاجرات الدامية وأحيانا جرائم القتل وغيرها من المسلكيات التى تعكر صفو المجتمع وسلميته.
من أكثر الأمور التي تثير القلق أن الكثير من الناس يعتقدون أن مجرد أنهم يقومون بتطبيق فريضة « الصيام « فان ذلك يبيح لهم « التنمر « على الآخرين أو الإساءة لهم أو خرق القوانين ، وهو سلوك يمكن وصفه بأنه « داعشية اجتماعية « ، تماما مثلما يعتقد بعض من يمارسون « طقس الصلاة « وأقول هنا « طقس « لأنه مجرد سلوك بحكم العادة والتعود فاقدا لروح الدين والتدين ، فالبعض من هؤلاء يحلل لنفسه بحجة أو مبرر انه ذاهب للصلاة أن يوقف سيارته في عرض الشارع ويغلقه أو أمام كراجات بيوت أو عمارات مما يمنع أهالي تلك البيوت من الذهاب أو الإياب ، وعندما يُسأل يجيب بكل راحة بال وضمير انه كان مضطرا لذلك لكي لا تذهب عنه صلاة الجماعة.
إن هذه الإجابة تمثل قمة « الفراغ الأخلاقي والديني « وتشكل الدرجة الأولى نحو الانتقال « للسلوك والفكر الداعشي التكفيري على الصعيد المجتمعي « لانه سلوك لا يؤمن بالآخر أولا ، و يتغطى بالدين ثانيا لتبرير مسلكيات غير أخلاقية ومتعارضة مع القانون و حركة المجتمع ، و لا يدري هؤلاء كم أن مسلكياتهم أضرت بالناس وكم حرمت مرضى من الذهاب إلى مستشفياتهم في لحظات حرجة وقاتلة وكانت النتائج مأساوية ، كما لا يعلمون كم أن مسلكياتهم تلك عطلت رجال أعمال من الوصول بأوقات محددة وحساسة إلى مكاتبهم كلفتهم خسائر مالية فادحة ، أو طلاب علم لتأدية امتحاناتهم النهائية وكانت سببا في حرمانهم من النجاح ، أو أطباء من الوصول إلى مرضاهم لإنقاذ حياتهم ، والأمثلة كثيرة.
هذه المسلكية المنفلتة اسميها « داعشية مجتمعية « لأنها تتغطي بالدين وتعتقد أن كل شي باسم الدين يجب أن يًحترم وعلى الغير أن يسكت ويصمت وان يخرس عن الكلام ويتجنب النقد طالما أن الموضوع الصلاة أو الصوم أو غيرها من قضايا العبادات.
فهل هذا هو الدين وهل هذه هي الأخلاق ؟
التفسير العلمي – الاجتماعي لذلك هو ما يلي :
أولا: في الأردن وغيره من الدول العربية والإسلامية هناك ظاهرة التدين ( الشكلي) ووقف العمل الرسمي لموظفي الإدارات العامة الموجودة لخدمة المواطن بحجة اداء الواجب الديني وهو أمر يعطل مصالح المواطنين ، لكن في المقابل ليس هناك أي حضور للأخلاق التي من المفترض أن تكون نابعة من الدين ، فالموظف الذي يتستر بالصلاة ويغيب عن وظيفته لأكثر من نصف ساعة واحيانا اكثر من ذلك هو في الواقع ومن الناحيتين الأخلاقية والدينية هو متهرب من واجبه وسارق لوقت الناس والأمثلة على هذا النموذج كثيرة.
ثانيا: هناك إرهاب فكري – ديني لمن يعترض على هذه الظواهر أو ينتقدها ، وبالتالي فان استثمار الدين مازال مشروعا مثمرا على الصعد كافة ومن هنا ينفذ الفكر التكفيري إلى المجتمع.
ثالثا: ما يشجع على كل ما سبق هو غياب تطبيق القانون وهنا تكمن « الكارثة « ، فشرطي السير لا يجرؤ مخالفة سيارة لمصلي أغلقت سيارته شارعا أمام مسجد ، ولا يجرؤ أن يطالب امرأة تقود سيارة وهي منقبة من الكشف عن وجهها ليتحقق إن كانت هي صاحبة رخصة القيادة أم لا ؟
والسؤال المهم هل نحن دولة مدنية تتجه إلى دولة دينية من نوع ما وهل هذه رغبة أغلبية الناس أم الأقلية منهم ؟
والسؤال الآخر هل العادات والمسلكيات المتسترة بالدين أقوى من القانون ؟؟
وأين الدولة والمجتمع من هذه « الداعشية المجتمعية « ؟؟
الراي