العاصفة التي هبت على ذيبان، وهدأت لاحقا، تثير التساؤلات، حول الملف الاهم، الذي يتشاغل عنه الجميع، ملف البطالة، وهو الملف الاخطر الذي يتفرج عليه الجميع دون حل.
اكثر من مليون عربي وآسيوي، يعملون في الاردن، في مهن يقبلها الاردنيون، ومهن اخرى قد لايقبلونها، وهذا العدد الكبير جدا، أدى اولا الى خفض اجور الوظائف، فالعربي في مرات ووفقا لحالته، يقبل بأجر اقل من الاردني، او يعمل في وظيفة يأنف منها الاردني لاعتبارات اجتماعية، لكن في المحصلة، هناك قوة عمالة كبيرة جدا في البلد من المصريين والسوريين واليمنيين وجنسيات اخرى.
كان الاصل هنا، ان يتم تحويل كل اموال تصاريح العمل الى صندوق خاص، من اجل توفير مبالغ يتم منحها لاردنيين لاقامة مشاريع صغيرة، بشروط ميسرة، دون تعقيدات، اضافة الى التشدد في الرقابة على سوق العمل، برغم معرفتنا ان كادر وزارة العمل على صعيد الرقابة قليل، ولايمكن لهم ان يغطوا كل البلد، هذا فوق انهم يواجهون مشاكل في قضايا منع بعض العمالة، لعدم القدرة على التسفير، ونحن نقترح هنا على وزارة العمل التفكير بمبادرات حقيقية، تخفف الضغط على الاردنيين، برغم معرفتنا ايضا انه حتى في ظل الاجور التي تعطى للاردنيين، تبقى قليلة ولاتغطي التزاماتهم.
عاصفة العاطلين عن العمل، مؤهلة لان تهب في مواقع اخرى، ذيبان ارسلت رسالة فقط، حتى لو كان فيها قسوة او تجاوزات او دخول اطراف عليها، الا انها رسالة تؤشر على العصب العام، لبلد ينفق عشرات الملايين سنويا على تعليم الجامعيين، ويتخرجون ولايجدون حتى تدريبا، وليس وظيفة.
مئات الاف الدونمات التي تمتلكها الدولة فارغة ومهملة، ولو كانت الحكومات معنية بالناس، لتم منح كل انسان، قطعة ارض، اقلها عشرة دونمات، ومساعدته ضمن حدود دنيا، من اجل العمل في الزراعة بمعايير حديثة، من اجل ان يهدأ غضب الناس، فيكون له ملكيته، ومشروعه الخاص، الذي بالتأكيد سوف يستفيد منه بعد سنوات، خصوصا، اننا نراهم يجلسون سنوات متواصلة بلا عمل.
القطاع الخاص يعاني من مشاكل كثيرة، فكل هذه الضرائب التي تفرض عليه، وفواتير الطاقة، حولته الى قطاع منهك جدا، فالحكومات سلبته القدرة على التشغيل، وكلما زادوا عليه ضريبة جديدة، كلما تخلى عن موظف عامل، واغلق فرصة محتملة، وكان الاصل ان تراعي الحكومات القطاع الخاص من باب توليده للفرص، وهي دعوة اليوم لاعادة النظر في ظروف قطاعات كثيرة، في سياقات التوسع بالتشغيل مجددا، وبرغم الاتهامات السائدة للقطاع الخاص، الا ان لا احد يريد ان يعترف ان الحكومات انهكته وسلبته سيولته المالية.
هناك فكرة سائدة لدى البعض تقول انه من العادي ان نتحول مثل مجتمعات ادمنت الفقر وبات عاديا عندها، وان في كل دول العالم هناك طبقات مسحوقة في الهند ودول اخرى، ولايعيب ان تكون لدينا طبقات منبوذة تتكيف مع الفقر، وهذا كلام معيب جدا، لبلد اسهمت سوء ادارته في اتعاب الناس، واغراقهم بكل انواع المشاكل، فليس الحل ب(تهنيد الاردنيين) بل بحل مشاكلهم، مع اقرارنا بعظمة الهند وعراقتها من حيث المبدأ.
نريد صندوقا من الدولة وبالتعاون مع القطاع الخاص، وتبرعات الاثرياء، يخصص مبلغا كبيرا جدا، يمنح الالاف الفرص لاقامة مشاريع صغيرة، بشروط معقولة وغير معقدة، دون فوائد، على اساس ان يكون جزءا من المبلغ غير مسترد ماليا، لمساعدة صاحب المشروع على اقامته، وان يتم توزيع هذه المبالغ على الالاف في كل محافظات المملكة،وان تكون هناك متابعة وادارة لهذه المشاريع.
خيمة ذيبان رسالة، على مافيها من ملاحظات، لكننا نسمع مجددا عن خيم اخرى يراد اقامتها، والسبب واضح، فالذين قاموا بأطفاء مشكلة ذيبان، لم يتنبهوا الى ان الفقر والبطالة في كل مكان، والحل هنا، لايكون بالتقسيط، بل بشكل يصل الى كل الناس، بمن فيهم شباب ذيبان.
الدستور