ما يرتكبه المتطرفون على اختلاف اسمائهم من حماقات لا آخر له، لكن الحماقة القاتلة والاشبه بالانتحار البطىء هي التكاثر في الاعداء، فهو بسبب ما اصيب به من عمى ايديولوجي لا يفرق بين هدف وآخر لهذا يتضاعف عدد ضحاياه من الابرياء، لهذا فالحرب عليه في تصاعد، ومن كان محايدا او يتصور ذلك لم يعد قادرا على الصمت، لأن الصمت في مثل هذه الحالات تواطؤ .
ومن الناحية التاريخية لم تظهر موجة عنف الا وانكفأت لأنها تصدر عن ثقافة مضادة للحياة ولأشواق البشر من اجل حياة آمنة .
وقد يتوهم من قرروا السباحة ضد التاريخ ومجرى الحضارات انهم قادرون على التسلل الى كل مكان، شأن الثعابين والزواحف، ويغيب عنهم ان هذه الاستراتيجية لم يقدر لها ذات يوم النجاح، لأن الجحور هي ايضا اهداف لمن يدافعون عن أنفسهم وعن اطفالهم ومجمل منجزات اوطانهم، ومعظم التحليلات النفسية التي تناولت الارهاب ووضعت عيّنات منه تحت المجهر انتهت الى انه يلدغ نفسه في خاتمة المطاف، لأنه لا يملك اسباب البقاء، والحياة قادرة على الدفاع الباسل عن نفسها وقوانينها الخالدة عن الاحياء ايضا، فقد تسقط شجرة لكنها تتحول من خلال بذورها الى حديقة، لأن ديناميات التدمير السالبة مهما بلغت تبقى غير قابلة للتمدد نحو المستقبل، ولها مضادات تحد منها وتهزمها قبل ان تستشري كالوباء، وكل انسان في هذا الكوكب يحرص على البقاء سواء تعلق بشخصه او بالنوع البشري هو الان في الجبهة المضادة للتطرف والعنف لأن التعايش والوئام الانساني هو الاصل وكل ما عداه طارىء ومهدد بالزوال، ولولا ذلك لما استمر التاريخ ولما عاشت منظومة القيم، واعادة عقارب الساعة الى الوراء حيث الكهف والغاب لم تعد ممكنة على الاطلاق .
ان اقصى حماقة يقترفها انسان فقد توازنه النفسي والاخلاقي هي مضاعفة عدد اعدائه من حيث يظن عكس ذلك، وستبقى موجات التطرف الدموية اشبه بجمل معترضة في كتاب التاريخ وتتحول الى امثولات وحكايات .
ومن يراهنون على اعادة النهر الى المنبع او اطلاق النار على الشمس لاطفائها هم الحمقى الذين يلعقون دمهم وهم لا يدركون!!
الدستور