لماذا لا يعلن يوم الخامس من آذار من كل عام (يوم الصحفي العربي)؟ وتكتسب الدعوة أهمية قومية لأنها تتوافق واحتفالية الأردن بمئوية الثورة العربية الكبرى ويوم الصحافة العالمي.
ولكي نضع النقاط على الحروف، نستذكر، انه في هذا اليوم الأليم من تاريخنا، أقدم حاكم سوريا، جمال باشا، بإعدام كوكبة من الصحفيين الأوائل العرب، وعلقهم على المشانق في ساحتين في دمشق وبيروت، فارتقوا شهداء الكلمة التي طالبت باستقلال العرب وحريتهم في زمن عملية تتريك أقصت العرب وحولتهم الى اتباع. وتكريما للشهداء، حملت الساحتان اسم ساحة الشهداء في العاصمتين العربيتين، وحمل جمال باشا لقب السفاح من يومها.
قبل مائة عام بالتمام والكمال برز دور الصحفي العربي ممثلا بهؤلاء الرجال نجمة مضيئة في سماء النضال العربية. ومن وقتها قاد الصحفي العربي الفكر خلال السنوات المائة الماضية منيرا دروب التوعية ، وتحدى سلطات الاحتلال الظالمة، وسجن منهم الكثيرون، بل ودفع العديد من هؤلاء دمهم وأرواحهم لمجد امتهم، وايمانهم القوي بقدسية الكلمة، وثقتهم بأن الحق سيعلو مهما طال الزمن.
وواصلت الصحافة العربية حمل رسالتها القومية، تحارب بكلمة الحق والوطنية، لإعلاء راية العروبة. وكانت سلطة رابعة بكل ما في الكلمة من معنى.
وتكريما للصحفيين الذين حملوا الراية، واستذكارا بقيم الرجال الذين اعدمهم جمال السفاح، فان يوم الخامس من أيار يأتي بعد يومين من يوم حرية الصحافة الذي أعلنته الأمم المتحدة في الثالث من أيار كل عام للاحتفال به وبدور الصحافة في نشر بذور الحرية. لذا، فان من حق صحفيينا علينا ان نحتفي بهم بهذا اليوم ونستذكر مواقفهم البطولية.
كان اعدام الصحفيين الثلاث والثلاثين الذين أعدمهم السفاح بمثابة الشرارة التي عجلت بقيام الثورة، خاصة بعد ان حاول الشريف الحسين بن علي انقاذ حياتهم بدون جدوى. وبعد شهر واحد على فعلة جمال، أطلق الشريف الثورة التي أطاحت بالاتحاديين. ولقي جمال مصرعه على يد أحد الرجال الأرمن انتقاما للمجازر ضد شعبه.
وهذه دعوة اوجهها لنقابة الصحفيين الأردنيين، لهيئتها العامة ومجلسها ونقيبها، لإحياء هذا اليوم، مستذكرين معا كلمات رفيق رزق سلوم، الذي كان واحدا من بين الثلاث وثلاثين صحفيا الذين شنقوا ذلك اليوم، والذي أوصى أن يكتب على شاهد قبره الأبيات التالية:
وإن الذي بيني وبين بني أبي
وبين بني عمي لمختلف جدا
فإن أكلوا لحمي وفرتُ لحومهم
وإن هدموا مجدي بنيت لهم مجدا