مضطرون أن نواصل الحديث في المفردات الأمنية قبل أن تطغى مفردات العنف و الفوضى الداخلية و الإرهاب الخارجية على مفردات الأمن و السلم الأهلي و السلامة العامة ، مضطرون أن نواصل الحديث ما دامت الحكومة تواصل الصمت ، مضطرون أن نعلن حالة الإنتماء القصوى و الولاء الوطني الأكيد مقابل حالة الإستنفار القصوى للمتخاذلين و البكائين و المتصيدين ، مضطرون لأن لا نستحي بالحق مادامت الحكومة لا تستحي بالباطل.
الأردن وطننا الحبيب العزيز العصي على كل الأنواء و الزلازل ، واحة السلم و الأمن و الرخاء حتى في أسوأ ظروف الماضي و اسوأ حكوماته نجده اليوم يترنح تحت لا مبالاة الحكومة و المسئولين ، و نجده لا يكاد يسد ثقب في ثوبه حتى يتفتق بعده عشرة غيره ، الإنتحارات عن عمارات في دوار الداخلية ، و عن جسر عبدون الذي بات مشهورا بجسر اإنتحار و في اربد و الزرقاء و الكرك باتت شبه يومية ، الحراكات عادت هنا وهناك و الصمت المدوي الذي يكتمه الناس يكاد يطيح بكل شيء ، و الإرهاب لم يعد حديثا عابرا او حدثا منفردا .
الذين لا يريدون أن يروا المشهد على حقيقته و يريدون ان يجعلوا الأماني حقائق و الأحلام واقعا لا يحبون الوطن ، و ليس عيبا ان نقف و نشخص أحوالنا ، و اذا لم يسمع منا من يجب ان يسمع فإننا نسأل الله أن لا يقف يوم غد و يقول ماقاله عمرو بن عمرو بن عدس لطليقته "في الصيف ضيعت اللبن" فنحن نتحدث بقسوة لأن الوقت ليس وقت مجاملات ، و لأن الحكومة ليس على قدر الموقف ، قد تكون جديدة ، قد تكون مبتسمة ، قد تحاول ان تبدي مالا تقدر عليه لكنها ليست على قدر المرحلة .
المرحلة و بكل صراحة و صرامة وطنية تحتاج لحكومة انقاذ و طني ، حكومة من رجالات الوطن ، حكومة تستلهم مواقف الماضي لبعض الحكومات والرؤساء الذين جالدوا في ساعات الشدة و أبعدوا عن الوطن شبح الضياع و شبح السرقة و شبح الزوال ، رؤساء ما تزال صورهم تزين كثيرا من صدور مجالس وجهاء الأردن ، و ما تزال أسماؤهم تتردد صدى في ثنايا عمان و كل زوايا الوطن ، المرحلة تحتاج و على وجه السرعة لحكومة تضع استراتيجية وطنية للتصالح مع الذات و ابعاد الصوص من الذوات و اشاعة أجواء العدالة الإجتماعية بما هو متوفر و ما هو آت و اشراك كل الأردنيين في كل فضاءات الحرية في الحديث و الحوار و الإبتعاد عن تكميم الأفواه الذي ينقلب الى حراكات و خيم واعتصامات و انفجارات.
لا ننظر بارتياح لأداء الحكومة و لا لتصرفاتها و لا لحديثها و لا لصمتها ، و نضع أيدينا على قلوبنا من هول المشهد و عتمة ظلال الغيوم السوداء المتلبدة و القادمة من بعيد من كل مكان ، و مرة أخرى لا نلقي بالا لمن يصفوننا بالسوداوية و التشاؤم ، فالوطن ليس صالة قمار نتبارى في الرهان عليها بما قد يحدث ، الوطن هو العباءة التي تظل الجميع و تحمي الجميع و توفر الأمن و السلامة لنا جميعا ، و لا يمكن تحت أي ظرف من الظروف و لا ذريعة من الذرائع ان نسكت خوفا من تهم تلقى هنا او هناك ضدنا ، أجواء الحراك تطل من جديد و العلاج ليس بالدرك و لا بالغاز المسيل للدموع و لا بالتهديد و الوعيد ، الموضوع له علاقة بأرزاق الناس و حياتهم و معاشهم و أحوالهم ، و الناس بين منتحر و مستعد للإنتحار و الحكومة تصر على رفع الأسعار و ربط الكهرباء باسعار النفط و الكب يتبارى في تدمير أخر قطرة ولاء و انتماء عند الناس للوطن و العرش .
إسمعوا و عوا ما يحدث ، و دعونا من الكلام الفارغ الذي لا يطعم خبزا و لا يسقي ماء ، و علينا أن لا نركض وراء السراب الذي يحسبه الظمئان ماء ، فبريطانيا العظمى حينما رأت أن اوروبا لا تفيدها مزقت كل الوثائق و الإتفاقات و خرجت في ليلة مافيها قمر من الإتحاد الأوروبي ، آن الآوان أن نخرج من عباءات الحكومات التي لا تعمل و لا تحكم ولا تدير ، الحكومات التي هي أشبه بالقائمقامية في العصر العثماني و أن نستل سيف الإنتماؤ و الولاء لنسند الوطن و لكن كلنا معا و على اللصوص و الفاسدين ان يفسحوا الطريق فقد سئم الأردنيون و ملوا .
عدنان الروسان – عضو اللجنة التنفيذية لحزب الجبهة الأردنية الموحدة.