الحكومة وبرنامجها التفاؤلي
د. عدنان سعد الزعبي
23-06-2016 02:47 PM
من الواضح جدا ان الحكومة جادة في ابتكار حلول وطرح برامج للتعامل مع الواقع الاقتصادي وتخطي مرحلة الخطر التي يعانيها الاقتصاد الوطني لاسباب وتداعيات محلية واقليمية ودولية.
فالحكومة لم تكتف فقط برفع الاسعار على بعض الخدمات والمواد كما هو شأن سابقاتها بل وازنت ذلك بتخفيض الرسوم والضرائب على خدمات اخرى لغايات التخفيف على المواطن كون سياسة الرفع حتمية ولا مفر منها, كذلك تنشيط الحركة الاقتصادية المحلية جنبا الى جنب لاعادة الثقة في نفوس الناس حول سعي الحكومة لمتساعدة المواطن ومواجهة التحديات وتخطيها ان شاء الله.
فمن الطبيعي جدا ان يفرض البنك الدولي وصندوق النقد الدولي شروطا وبرامج قاسية ما دمنا نحن الذين نسعى اليه للدعم والاقتراض , وبالتالي فان وصفاته معروفة ويطبقها على كل دولة تمر بنفس ظروفنا الاقتصادية, ولا تستطيع اي دولة ان تتخطى هذه الوصفات الا اذا طرحت بدائل وحلول واستطاعت ان تقنع الوفود بالدور الدولي الذي تضطلع به لخدمة الانسانية والبشرية وانعكاسه الايجابي على دول الغرب التي هي الممول الرئيس لهذه المؤسسات المالية العالمية , وان مجمل التحديات والصعوبات التي يعانيها الاردن تضاعفت جراء الموقف الكريم الذي انتهجه في استقبال ملايين البشر ممن هربوا من الموت والجوع وقلة الامن. نقر للحكومة في ايامها الاولى انها استطاعت ان توقع مع هذه المؤسسة المالية الدولية اتفاقا على مدار خمسة سنوات استطعنا من خلاله ان نتجاوز واحدة من اخطر القرارات الاقتصاديه والاكثر ضررا على المواطن. فالخيارات امام الحكومة كانت تخفيض قيمة الدينار الاردني بنسبة 15% او نقل كل موظفي الدولة وصناديق التقاعد لصالح الضمان الاجتماعي والذي يترتب عليه توفير مئات الملايين لصالح الضمان وهي لا تستطيع , او تحميل الضمان عبئا ماليا يمكن ان يودي به. وهذان الخياران من اصعب بل الاصعب في تاريخ اي صانع قرار في اي نظام سياسي او دولة او اتحاد.
لقد استطاعت الحكومة ان تنظر للموضوع باعين مختلفة فرسمت خارطة طريق متشعب جزء يهتم بدعم الحركة الاقتصادية وتحريك العجلة وخاصة في مجال العقار الذي يشتهر الاردن به والذي يشهد ركودا منقطع النظير جمد ما يقرب من المليار ونصف الدينار دون حراك او استثمار كذلك تعزيز برامج التشغيل لدى الشباب بطرح بدائل وافكار , في كل المجالات وفي كل المناطق وتوفير التمويل اللازم لتعزيز مفهوم micro Economic والذي نجح في دول كثيرة كاليونان وايطاليا وفرنسا وسوريا ومصر بعد ان مرت بظروف اقتصادية صعبة , فتفعيل دور النقابات ووزارة الاشغال العامة والبلديات والعمل في توسيع قاعدة مقاولي المشاريع في المحافظات واستخدام ابناء المحافظات كل حسب منطقته ووضع حوافز لشركات المقاولات للقيام بذلك خاصة ونحن على مشاريف استثمار كبير في مشاريع صندوق الاستثمار والشراكة الاقتصادية مع العربية السعودية يؤشر الى فرص حقيقية ومهمة لا بد من حسن تنفيذها ووضع اولوياتها التي تعزز الاستثمار وتشغيل الايدي العاملة وان لا نكرر تجربة بعض مشاريع المنح الخليجية التي لا تمثل لنا ولظروفنا اولوية.
لا شك ان المرحلة الاولى التي لا بد من تركز عليها الحكومة هي اعادة الثقة بمؤسسة الحكومة عند الشعب والذي فقد الامل في اي حكومة قد تعمل لصالحه , وهذا ينعكس على طبيعة التعاون والتشاركية الحقيقية التي يجب ان تشكل الخط المستقيم بين المواطن ومؤسسات الدولة , فالمواطن واعي ويقدر المسؤوليه ويعي التحديات وقدرات الحكومة , لكنه يحتاج الى ان يرى جدية ومصداقية وشفافية وابداع , ولا اشك ان نهج العمل والجدية والنشاط الذي تنطلق منه الحكومة وبعقلية علمية نحن جميعا نعرفها لدولة الرئيس وفريقه الوزاري انما يشكل بصيص امل نتطلع اليه جميعا ونرجوه باعتباره الوحيد الذي يخفف احتقان الناس وغضبهم ويمنحهم الامل من جديد ويفرش الابتسامة بعد ان كادت ان تختفي.