نحن إذن أمام برنامج تصحيح إقتصادي جديد تم الإتفاق عليه مع صندوق النقد ومدته 36 شهرا تبدأ فور إقراره من قبل المجلس التنفيذي للصندوق المتوقع في تموز المقبل ليتم بعد ذلك تحديد حجم المبالغ المالية التي سيخصصها الصندوق للأردن في إطار الإستعداد الإئتماني.
البرنامج لا يأتي تحت ضغط إنما هو رغبة من الحكومة في إستكمال الاصلاحات لكنها في ذات الوقت ستحصل على دفعات جديدة سيتم الاتفاق عليها وهي على الأغلب ستناهز ما تم الحصول عليه ضمن برنامج الاستعداد الائتماني السابق والبالغ 2 مليار دولار.
في مقابل تلبية شروط متفق عليها سواء حددتها الحكومة الأردنية أم وضعها الصندوق سيساعد الأخير على تشجيع مصادر التمويل الأخرى الثنائية ومتعددة الأطراف على تقديم القروض والإفراج عن المنح للأردن خلال فترة البرنامج بما في ذلك دعم وثيقة الأردن التي قدمتها الحكومة الى مؤتمر لندن تطلب بموجبها مساندته في مواجهة عبء اللجوء السوري وضغوطه على البنية التحتية وما إلى ذلك من تكاليف.
قد يكون الصندوق والمجتمع الدولي محقين في ربط المنح والقروض بإصلاحات ضرورية لتشوهات إقتصادية وإختلالات وغيرها إن كانت ترتبت فقط على سياسات محلية خاطئة مثل الإستمرار في الدعم على إطلاقه لسلع أساسية أو الإخفاق في ترشيد الإنفاق أو الإستخدام الخاطئ للمنح والمساعدات كأن تمول الدعم أو تذهب في مسارات غير إنتاجية , ما يتسبب في زيادة عجز الموازنة وتضخم المديونية لكن الربط يصبح غير شرعي ولا مقبول إن كانت أسباب عجز الموازنة وكبر حجم المديونية وتراجع المؤشرات الإقتصادية ومنها الصادرات والسياحة وغيرها في جزء كبير منها ناجما عن ظروف خارجية لا ناقة للأردن فيها ولا جمل مثل اللجوء القسري للسوريين الى الأردن والحروب المشتعلة في الجوار وإغلاق الحدود في وجه التجارة , كل تلك أسباب أدت الى ضائقة إقتصادية غير مسبوقة ولا أدل على ذلك أن المساعدات والمنح المخصصة لمساعدة الأردن لمواجهة أعباء اللجوء السوري لا تغطي سوى 30% من كلفة وعبء هذا اللجوء الذي تتكفل خزينة المملكة الأردنية الهاشمية في تحمل الكلفة المتبقية و البالغة 70% , أي أن الأردن ينفق على أمل أن تتم تغطية هذه النفقات يوما , وهاهي التغطية المأمولة تلوح في الأفق لكن ثمنها برنامج تصحيح مالي ضروري لإزالة تشوهات الإقتصاد محلية الطابع , لكن تلك الناجمة عن ظروف خارجية قاهرة فإنه يتحتم على المجتمع الدولي ومؤسساته وأذرعه التمويلية وفي المقدمة منه صندوق النقد الدولي والبنك الدولي تحمل المسؤولية كاملة تجاهه دون أية إشتراطات.
الراي