نحو المزيد من الالتفاف حول القيادة الهاشمية والقوات المسلحة
حسن ابو نعمة
22-06-2016 01:56 PM
ها نحن في هذا البلد الصابر المرابط نقدّم كوكبة جديدة من شهداء الوطن المرابطين على حدوده للذود عن حماه.
وإذ نقف بكل إجلال لتوديع شهدائنا الابرار، جنود الأردن الأبطال، فأننا نرصّ الصفوف خلف جيشنا العربي الباسل، والكوادر الأمنية الأخرى؛ قوات الامن العام والدرك والدفاع المدني، التي ما توانت لحظة عبر السنين، لا بل عبر العقود المتوالية عن تقديم أغلى التضحيات، من أجل عزة هذا الوطن وكرامته وأرضه وشعبه.
لم يجرؤ أرباب الفكر الظلامي المتحجر، الذين عاثوا في أرض المسلمين وأرض العرب فساداً وطغياناً وتخريباً وتدميراً وقتلاً وترهيباً، الذين خرجوا عن قيم ديننا وتعاليمه السمحة، والذين شوهوا تاريخنا وحضارتنا؛ لم يجرؤوا على مواجهة الجيش الرابض على حدود الوطن الممتدة لأكثر من 600 كيلو متر مع سوريا والعراق في خنادقه وثكناته، بل اختاروا ممرّاً إنسانياً يقف جنودنا فيه لتقديم العون لمن جارت عليهم الحروب وشرّدتهم وألقت بهم في غياهب المجهول، الممر الإنساني الذي يواصل فيه هؤلاء الجنود عملهم الدؤوب على مدار الساعة لانتظار كل من ينشد النجاة على أرض الأردن الخيرة ليداووا الجرحى ويأخذوا بيد الأطفال والشيوخ، وليقدموا كل أنواع العون لمن استجار بنخوتهم وبإنسانيتهم.
على ذلك الممر الإنساني، وفي شهر رمضان المبارك، وعلى من سهروا الليل بطوله لانتظار مستغيث آخر، وقع الهجوم الغادر الإرهابي الجبان، مستهدفاً الأيدي الرحيمة، ايدي الخير والعون، الايدي الأردنية العربية النظيفة التي شهد العالم باسره أدوارها الإنسانية المشرفة في كل مناطق النزاع في العالم من خلال مشاركة قواتنا الأردنية المسلحة في عمليات حفظ السلام المستمرة منذ عدة عقود.
ليست هذه الكوكبة الجديدة من الشهداء الابطال هي الأولى: فهذا قدر هذا الوطن؛ الوطن التي تُجسد رسالته قيم النهضة العربية الكبرى، الوطن الذي حمل لواء التصدّي لكل ما لحق بنا في الأردن الغالي، الوطن الذي حمل لواء القضية الفلسطينية وروّى بدم ابطاله وشهدائه ثرى الأرض الفلسطينية منذ قيام المملكة. ولأن هذا هو قدرنا فلن تكون هذه الكوكبة هي الأخيرة،
كما انها ليست الأولى. فبالأمس القريب نالت يد الغدر والجبن والخيانة كوكبة أخرى من شرفاء المخابرات العامّة؛ ودّعتهم الأسرة الأردنية بكاملها إلى جنان الخلد في مواكب العز والبطولة والشرف، كما ودّعت ابطالاً وشهداء كثيرون من قبلهم.
اننا نردّد بكل فخر أن كل جندي أردني هو مشروع شهيد والحقيقة أن كل مواطن أردني هو مشروع شهيد. هذه هي الحقيقة التي تبرز بكل شموخ من خلال تلاحمنا والتفافنا خلف قيادتنا الهاشمية، وعميدها جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين حماه الله وايّده بنصره وخلف فوّاتنا المسلحة وكافة اجهزتنا الأمنية الساهرة على أمن هذا الوطن وسلامة أرضه وعزته وكرامته.
علينا جميعاً أن ندرك اننا مستهدفون؛ وإن قوى الشر والجريمة والإرهاب اعمى التي بدأت اوكارها تُنبش وتتبعثر وتتدمر في دول الجوار ستهيم على وجهها بحثاً عن اهداف جديدة. وقد نشهد المزيد من حالات الغدر والعبث اليائس. لن يثنينا ذلك عن مواصلة رسالتنا الأخلاقية والقومية والوطنية الشريفة مهما كان الثمن.
ولن تهزنا الاحداث حتى وإن كبرت التضحيات. دم الشهداء الابطال دم غالي.
وكل شهيد يقع في ميادين النبل والشهامة والشرف هو خسارة لكل بيت أردني. هذه هي اخلاق الأردنيين. لن تنال منّا، ولن تزيدنا المحن إلا وحده والتحاماً خلف قيادتنا وخلف القوات المسلحة. لن تزيدنا إلا تصميماً والتزاماً بقدسية هذه الأرض وشرف الرسالة التي نحملها.
إن كنا قد قلنا منذ البداية، وعندما بدأ السرطان الإرهابي ينتشر في العراق وسوريا، وبتمدد ويضرب في كل اتجاه آخر، بما فيه نحونا، إن كنا قلنا إن هذه هي حربنا، فهي ما تزال حربنا.
وكان الأردن من اول الدول التي نبهت لخطر الإرهاب منذ عدّة عقود وتصدّت له بكل صرامة ودفعت من أجل ذلك بتضحيات معروفة.
ولكننا ما نزال نقول ايضاً إنها ليست حربنا وحدنا. إن كلفة استضافة مئات الالاف من اللاجئين على مدى السنين والعقود قد أرهقت إقتصادنا، كما ان تبعات الحروب والاحداث وما رتبت علينا من التزامات امنية باهظة الكلفة قد زادت الوضع صعوبة وتعقيداً وخطورة على حساب حقوق وطننا وشعبنا،
إنها ليست حربنا لوحدنا وعلى دول العالم ان تتحمل مسؤولياتها من أجل كسب هذه الحرب المدمرة ضد الإرهاب والتطرّف والتي يقف الأردن في المقدّمة منها يكرّس من أجلها كل طاقاته وإمكاناته.